و أنا أعلم أنك ستقرأ هذا الاعتراف : صديقي هذا المكان أضيق من قلوبنا ..
لا يمكنه أن يستوعب الإنسان إلا في صورة واحدة، لا يصلح أن أسلط الضوء عليها الآن ..
كيف يمكنني أن أخبرك بأن العودة إلى الوراء هي الطريقة التي ستقضي على أمنياتنا وآمالنا ..
أليس غريباً أن نخرج من تحت العباءة التي تدثرت تحتها أحلامنا ؟ أليس موحشاً أن نخاف منها على أنفسنا ..
صديقي: كنا على طول السنين نحترق ونتألم ..
و نحن لا نعلم !! كنا أبطالاً في رواية كورية غامضة !
و أنا أقرأ التاريخ .. عثرت علينا .. نستظل تحت دبابة الانقلاب من شمس الثورة .. قبيل أن تتحرك الدبابة/ الثورة … فتسحقنا ! كان مشهداً دموياً يستحق جائزة نوبل للغباء .. عذراً لقساوة الحقيقة ..
و أنت تبحث عن الامل المفقود في ساحة التحرير .. كان هناك المزيد من أطفال البتاوين وباب المعظم وعلي الغربي والحبوبي والكوفة والزبير يتشردون .. سيكبرون بلا أمنيات ..
صديقي : هناك آبار تدر ثروة أكبر مما تدرها آبار البترول .. إياك أن تفكر بالمعول الآن!

في وطنٍ يتسول فيه ابناء الشهداء على ارصفة مهدمة، تصبح مسؤوليتنا اكبر من جراحات المحرومين ..

في وطنٍ تموت فيه السنابل عطشاً وتكثر التجاعيد على ضفاف دجلة والفرات ،تصبح مسؤوليتنا مضاعفة..

في وطنٍ تمتلئ فيه الساحة السياسية بالاذرع الخارجية ، ويصبح القرار الوطني مكبلاً بالرغبات القادمة من خلف الحدود ،تصبح مسؤوليتنا اخطر ..
في وطن يشحّ فيه الرغيف على الفقراء وخيراته نهباً للسراق والمفسدين تصبح مسؤوليتنا اصعب..

في وطن يصبح الذي يدافع عن الوطن متهما والتابع وطنيا ، تصبح مسؤوليتنا اعقد ..

في وطن يكثر فيه الخراب وغبار الحروب ، نحتاج الى ايادي وطنية غير ملوثة تمسح الدموع عن وجوه المدن المنكوبة ..

رغم معرفتي بك عندما كنت نائباً ، ومذ عرفتك وطنياً مخلصاً ، لكن اتمنى بل انا موقن انك قادر أن تعطي موقعك الجديد قيمة اجتماعية ووطنية يحتاجها اهل العراق في هذا الظرف المعقّد الذي يمر به , ويعيش فيه أبناء شعبه محناً متفاقمة تركت نتائجها واضحة مؤثرة في نفسية المواطن , فإن من الحكمة إعطاء مفاتيح الحل وتسنم الوزارات والاستشارة من اهل الكفاءات وأهل الدراية والخبرة والحرص على المصلحة الوطنية بأعمق معانيها ليكونوا لك عوناً والساحة العراقية عابقة بالمشرقين والمشرقات , وبذلك ستصححوا ما خرّبته الادارات المتعاقبة وما خربه سلفك الذي كانت حكومته اكبر خلطة من الكذب والجبن والاستعراض والفساد وانعدام الشخصية وتسيد الزعاطيط والمرتزقة والمنتفعين والمبتزين الذين باعوا نفط العراق وخيراته لهذا وذاك إنها كانت اسوء مرحلة وتشكيلة وزارية مرت على العراق فساداً وكذباً واستعراضاً ، عليك بفتح ملفاتهم جميعاً امام القضاء.

أنا متأكد عندما تضع الكفاءات في محلها الحقيقي ستفصح عن وجه العراق الحقيقي بما تتطلبه المصلحة الوطنية وما نستطيع فيه تعزيز ثقة الآخرين بالوطن المكلوم ليعود إلى بلد الحضارات رفعته وبريقه ومكانته وليحقق استقراره وفاعليته .

أنا ارجو بأنك كفء يليق فعلا لعبء هذه المهمة الجسيمة , وممن تليق هذه المسؤولية به , وعندما تنجح ستحقق فضاءً فسيحاً في التعامل مع الآخر وتحقيق ما عجز الآخرون عن تحقيقه , وهو الذي سيمدنا بالأمل في أن يخرج العراق من مرحلة مرتبكة ملامحها ضبابية إلى مرحلة من الاستقرار ونضج القرار فيها وتكامل الرؤية التي تبنى على أسس علمية وقدرات مبنية على الخبرة في التعاطي مع القضايا المصيرية ..

أملنا كبير مشرق في المرحلة القادمة وأمنياتنا بالنجاح في موقعك وهو الموقع الذي سيطل على العالم بوجه مضيء ونوايا وطنية خلاقة وقدرات تعيد لبلد الرافدين مكانته في العراق والعالم , ولعل القادم من الأيّام سيؤكد لنا ما وضعنا أملنا فيه وسيجعلنا فخورين مستبشرين خيرا ونحن نتجاوز بإذن الله تعالى هذه المرحلة المعقدة من حياتنا وهذا الظرف الصعب الذي نعاني من ويلاته جميعا .. واعلم ياصديقي ان التاريخ يكتب ويمجد العظماء ولايرحم من لايضع الشعب نصب عينيه ..

واخيراً اقول لك ياصديقي عندما التقيتك وأذكرك بكلماتي :

لقد أطفأت مدينتي قناديلها ،، ونرجو الصلاة ..
فعرفتك حين قرأتُ الفقرَ كتاباً ..
وكتبتُ الحُزنَ فصولاً ..
ورأيت شموعاً مورقةً في الدمع ِ..
عرفتُكَ ،، وهمومك كانت مثل همومي ..

الدكتور
هاتف الركابي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *