كثر الكلام في الأيام الاخيرة عن الدعوة الى اشراك المكونات العراقية كافة في الحكومة المقبلة، وهذا ليس جديدا، وانما هو أمر اعتدنا عليه وبات مصاحبا لأية عملية تشكيل وزاري جديد.
أدرك مدى الدعائية في تلك الدعوات التي لا تستند الى المعنى العراقي الموحد للمسؤولية وانما الى المسار المحاصصاتي الانقسامي الذي قامت عليه العملية السياسية، وأفضت الى هذه النتائج التي نراها منذ ما يقرب من عقدين من الفساد الظاهر والمستتر. فضلا عن انّ التقسيم لا يزال يستند في الأساس الى التوافقات السياسية المطعّمة بالنتائج الانتخابية.
اذا كان المقصود، كما في كل مرة، بالتمثيل الواسع للمكونات هو المجيء بوزراء لخدمة الجهات التي جلبتهم او الجهات التي ينتمون لها أو لمصالحهم الشخصية، فبئس ذلك التمثيل الواسع الكاذب، وانّ مجيء الوزراء من جهة واحدة او جهتين عبر انتماء للعمل الوطني الحقيقي العابر للتصنيفات التقسيمية لهو خيار وطني سيكون أكثر عدالة من أي خيارات أخرى. لكن متى تتوافر شروط هذه المسارات التي تعيد لاسم الوطنية العراقية هيبتها المتفوقة على العناوين الفرعية؟
لا بأس ان يدخلوا الى الانتخابات عبر مناطق متعددة قد تتوافر على انتماءات متنوعة ومشارب مختلفة، لكنهم امام خيار واحد حين الصعود الى مواقع المسؤولية في الغاء تلك التقسيمات والعمل للبلد وحده، من دون التردد لمصالح قد تكون أحيانا انتخابية متواطئة.
التعددية السياسية واجبة، وينبغي أن تحيل الى فريق موحد في الرؤية عند قيادة البلد من مواقع تنفيذية أو تشريعية.
سينتظر البلد طويلا قبل تغيير المسارات المتوافقة مع خياري الديمقراطية والبناء.
هناك مَن أعد العُدة في كل مرة لمصادرة التعددية وتحويلها اقطاعية خاصة تحت سيطرته السياسية، فلا ينبغي ان نفرح كثيرا بالذين يوهموننا انهم في التمثيل الواسع لكل مكونات الشعب يهدفون الى تحقيق التكامل وتوحيد المسارات، لأن الخديعة لا ينبغي أن تنطلي على المرء اكثر من مرة