الحماقة والغفلة والغرور من صفات أغلب البشر في مقتبل العمر، وفي ذروة القوة والصحة، لكن تجارب الحياة تمنح الانسان دروسا في التهذيب، ومن لم يستفد من محطات عمره ويتوقف عند دروس الحياة فقد ساءت عاقبته وظل سبيلا!
من ابلغ الدروس التي منحتني اياها ستين عاما من المكابدة وسط بحر هائج من الفوضى أن الدنيا تدور بأسرع مما يتوقع الكثيرون، فهناك دول تزول وشخصيات تصعد وتسقط بطرق عجيبة، وكلهم غافلون مغرورون لا يقرأون ما يحدث أمام أعينهم، ويعقبهم جيل بعد جيل في مسيرة الغرور الدنيوية!
الأخطاء متكررة والدروس معادة، ولكن الانسان مشغول بمصلحته وغارق في انانيته ومبتهج بماله وصحته وسلطانه ، وكلها تزول بلمح البصر عندما تدور الدنيا وتحين ساعة السقوط المدوي!
اكثر من ستين عاما شاهدت فيها بدايات مئات الزعماء والأثرياء والمشهورين،وتابعت نهاياتهم المفجعة،وبعضهم كان يتشبه بالله تعالى،وكانت نهاياتهم السيئة لم تخطر في الخيال!
مسرحية هزلية تتضمن مشاهد لمجموعة من القردة تتسابق للفوز بثمرات شجرة عالية، فيسقط بعضهم قبل الوصول الى الغصون الأعلى ويتسلق آخرون لقطاف ما تصله اياديهم، فتأتيهم عاصفة هوجاء فتتناثر الثمار ومن حولها، وتصبح احلام القردة في مهب الريح، ثم تأتي مجموعة أخرى وتعيد المهزلة نفسها، وكأنهم عمي صم بكم لا يفهمون ولا يعتبرون!
غرائز راسخة في الانسان ابرزها حب الشهوات والانانية والظلم والقسوة والطمع لا يمكن الغاؤها تماما ولكن يمكن تهذيبها بالتعليم والدين والنصيحة والقدوة الحسنة.
فيا من غرتهم الدنيا وافسدتهم السلطة واعماهم المال الحرام استيقظوا من الغفلة قبل ان تحين ساعة الرحيل والعاقبة للمتقين.