كان وحده ، والجموع تهتف : “هبت النار والبارود غنى اطلب شباب يا وطن وتمنى ” ، وعدي لغة : هو الجماعة ولو كان فردا اسم مذكر عربي ، والعدي تستخدم جمعا وهم جماعة القتال يهاجمون العدو ويعدون نحوه ، والعدي : أول من يحمل على العدو فهو هنا مفرد.

وعدي التميمي ملحمة نضالية بطلها فرد والشعب معه ومن خلفه جماعة وعلى الدوام ، قال فيما كتبه قبل استشهاده انه يدرك أن عمليته لن تحرر فلسطين لكنها ستوقد قلوب الشباب وتدفعهم نحو المزيد حتى تحقيق الأمل ، وقد استشهد لأنه اختار اللحظة والمسرح بعد أن تمكن لأكثر من عشرة أيام ” تدويخ اسرائيل ” ، بكل قواتها وامكانياتها العسكرية والتكنولوجية فقد عجزت عن الوصول اليه ، وكان بامكانه أن يبقى مختفيا أكثر، ويطيل هستيرية اسرائيل في البحث عنه لولا أنه ضحى من أجل أهله ومخيمه ، وقد أذاقتهم اسرائيل مر العذاب طوال هذه الأيام ، عدي افتدى وطنه أولا ووالدته ثانيا ، ومن ثم ناسه وأهل مخيم شعفاط الأحرار ، فاعتقال ونفي والديه من مكان سكناهم الى بلدة سلوان كان بالأمر الذي لايطاق لأي انسان حر شريف ، فكيف به وهو ابن الثانية والعشرين …. ربيع العمر أو مقتبله على الأصح ، هو الهادئ – على حد وصف والده – فكيف تحول الى هذا الهادر المغوار ، لابد أن يدرس هذا التحول على كل المستويات العلمية ، وهل نكتفي بتفسير انه الوطن والجينات المقاومة ، لاشك أن هناك الكثيرمن هذا وذاك وربما غيره …. نحن لاندري .

عدي أعاد لذاكرة الشعوب المناضلة سير الأبطال في كل العالم وكل الحروب وعلى مدار الزمن ، وسجل ملحمة فلسطينية تضاف لسنوات طويلة من الكفاح الذي خاضه ويخوضه الشعب الفلسطيني ، وأعاد للذاكرة الشعبية ملحمة ” ثلاثة تسابقوا على الموت ” ، والتي سطرت في أغنية فلسطينية باسم ” من سجن عكا وطلعت جنازة ” ، للأبطال عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي .

عاد عدي الى نفس النقطة التي بدأ منها ” مستوطنة معاليه أدوميم ” ، حيث قام بعمليته الاولى وهو الأمر الذي لم تتوقعه اسرائيل ، عاد وقد نوى الشهادة ليفتدي وطنه ، ويفك الأسر عن أهل مخيمه ويعيد أمه الى منزلها ، وهو ليس ” الوحيد ” ، فكل شباب فلسطين يسطرون في كل يوم سجلات نضالية على كل الأصعدة وفي كل المجالات والميادين ، ألم يحلق الشباب رؤوسهم في المخيم ليضللوا استخبارات اسرائيل أثناء البحث عنه ، وباتوا كلهم هو الذي قال لاسرائيل : أنا الذي اختار الحياة والموت على أرض وطني ، وهو الذي حمل على العدو

2 / 2

وقاوم وقاوم ، وانتفض في مكانه وسلاحه بيده لم يوقفه عن القتال سيل الرصاص المنهمر فوق جسده ….. كان مجموعة في شخص واحد … كان شعبا ، وكان وطنا أيقظ فينا الربيع ونحن في عتمة الحياة وكآبة الخريف … عدي التميمي رجل بحجم خارطة فلسطين على الأرض، وليس تلك التي فوق مكاتب المؤسسات الأمنية الاسرائيلية ، وهوأكبر من الكرة الأرضية .

لله درك ياعدي وعلى الله أجرك .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *