١_
في البدءِ كانت الربوة،
تسابقنا إلى الحصائدِ نحلم بالعصافير،
نحلمُ أن تكون بحوزتنا لعبة،
المنحدراتُ منحتنا فرصة الوصول باكراً،
غنينا أغاني قصيرة كنا نحفظُها،
قفزنا فوق خطوط نرسمُها بعِصينا،
ثم وقفنا طويلاً كمُمياءاتٍ أمام قرص الشمس،
نسخرُ من ظلالنا المتَعرجة،
استدرنا ناحية الجبل،
صَرخنا دفعة واحدة،
ردد الجبلُ صرخاتنا قطعة قطعة،
فضحكنا ملء أشداقِنا،
أجل ضحكنا،
ومضينا إلى غاياتنا مُضي البرقِ في غيمة،
و خلفَنا تركنا آثار أقدامِنا الصَغيرة.
٢_
تلاشت أصواتنا،
بعثرتنا العقباتُ الطارئة مثنى مثنى،
تمزقَ حذائي،
احتكرتُ خيبتِي لنفسِي،
عدوتُ حافياً،
استغرقتني أفكار شقِية،
رسمتُ على رملِ الوادي الرطبِ شجرة فارغَة،
قرفصتُ تحتها حتى خمد النهارُ بداخلي،
كبرتِ الشجرة فجأة.
٣_
رسمتُ قفصاً داخل الشجرة،
تارة أختفي أرقبُ عصافير المسَاءات البعيدة،
عساها تَحتمي بالشجرة،
وطوراً أعدُ حوافر البغالِ على رطابة الرملِ،
فرسُ النبي فوق سنبلة يرقبُني،
عرباتُ التبنِ المتداعية تعبرُ جهتي،
ثم سرعان ما تختفي أسفل الربوة،
أروي جذورَ الشجرة،
ومن حينٍ لآخر أغيرُ موضع القفصِ،
أنتظر،
أنتظر .
٤_
امتلأ القفصُ عن آخرهِ،
فاضت منه زقزقات مبحُوحة،
سرتُ به شطر الرفاق مبتهجاً،
كانتِ العصافير بداخله تحمل نُدوبها،
صرخَ الرفاق في وجهي دفعة واحدة :
_ مالنا لا نراهَا !
ردد الجبلُ صرخاتهم قطعة قطعة،
فضحكنا مِلء أشداقنا،
أجل ضَحكنا،
عدنا إلى القريةِ تاركين الربوة خلفنا بقعة نائية،
كبرتُ فجأة،
علقتُ قميصَ طفولتي على الشَجرة،
وتساءلتُ :
_ ما فائدة أن تكون لي شجرة على صفحة الرمل،
ترتدي قفصا أنيقاً ؟
رحتُ أحررُ عصافيري في الفراغات المتشابهة،
أحررها مثنى مثنى،
و مسحتُ بكفي كل تفاصيل الشجرة،
في البدء كانت المصيدة .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *