يتصدر عنوان استرداد الأموال العراقية المنهوبة الواجهة الحكومية اليوم، كما كان ذلك في الحكومات السابقة، لكن دائما علينا ان نسير الى امام ولا نلتفت الى الانتكاسات السابقة، حتى لو كانت هي تلاحقنا عبر اجترار سياقات مجرّبة وفاشلة.
تدور أحاديث عدة في أكثر من رواق عراقي بالداخل والخارج، حول السُبل الكفيلة باسترجاع الأموال المسروقة، لكن النقاشات لا تزال تتحرك في إطار خارج دائرة القرار. والمهم في كل نقاش هو معالجة الأسئلة المحيرة، وهي كثيرة منها: لماذا فشلنا في السنوات السابقة؟ وهل زالت عوامل الفشل لكي نتوقع نجاحا في الخطوات اليوم، وكيف يمكن ان يتحقق النجاح من دون تحرّك دولي مساند للقرار العراقي لاسيما انّ معظم اللصوص لديهم جنسيات مزدوجة وقد نجحوا في امرار عمليات غسيل أموال وادخلوا المسروقات في حساباتهم البنكية وتحولت الى عقارات وشركات وأسهم وأسماء أخرى، وهناك مَن وصل الى بنوك سويسرية ايضاً بحسب مرويات مختلفة؟
المطلوب الوقوف عند كل سؤال والعمل على وضع الإجابات المقترحة لحله، وهذا الجهد لا يمكن ان يضطلع به وزير مالية او وزير خارجية او حتى رئيس الحكومة، وانما المسألة في العراق عميقة التعقيد وانّ اللصوص لديهم قدم في داخل العراق وقدم في خارجه، ومنهم مَن لا يزال يتمتع بعناوين سياسية براقة ولديه حمايات او تنظيمات تسانده، ومن ثم تبدو الحكومة بعيدة عن تحقيق أهدافها من دون اجماع عراقي كامل ومعلن بشفافية في مؤتمر يحضره الجميع وتسوده الرعاية الدولية وتعرض فيه الوثائق الدامغة في الإدانة او الوثائق التي ستفتح طرق تتبع المسروقات داخلياً وخارجياً ، وانّ هذه الخطوة شبه المستحيلة التي يحلم بها العراقيون المشبعون يأساً واحباطاً وسخطاً، يجب ان تكون مدعومة بشكل حقيقي، وان تستند الى مراجعة تجارب عربية ودولية مماثلة ، وان يسبقها فترة انذار تخص المعنيين المعروفين من بؤر السرقات كما انها فترة انذار للذين غير معروفين من خيوط الفساد، ثم تقفل الحدود وتستنفر الدولة أجهزتها التنفيذية، بعد ان تكون قد حققت إقامة رأس جسر مع حكومات أجنبية يختبىء على أراضيها اللصوص بعناوين مختلفة وجنسيات أخرى.
العملية ستكون اشبه بالبحث عن ابرة في حقل من القش، إذا لم تكن المواجهة حقيقية مع رؤوس الفساد واللصوصية قبل اذنابهم. هل يمتلك الذين يحملون شعارات مكافحة الفساد إمكانات هذه المواجهة فعلياً؟