لم يفلح البلد منذ سنوات عدة برياضة فردية أو فرقية، على مستوى عربي أو إقليمي أو عالمي، والامل معقود على بطولة “خليجي البصرة” لعل فيها استرداداً للصورة العراقية المثابرة في بطولات كرة القدم.
يوم صعد المنتخب العراقي الى بطولة كأس العالم في مونديال المكسيك العام 1986، كان المرشحون للتصفيات النهائية ستة عشر فريقاً، أمّا مونديال قطر الوشيك، أو الذي سبقه في روسيا، فقد كانت الفرصة متاحة امام اثنين وثلاثين فريقاً. ومع ذلك لم يكن للفريق العراقي ذلك المستوى المطلوب للوصول الى هذا الدور، والأسباب كثيرة، يعرف تفاصيلها خبراء الرياضة والكرة، وليس مكانها في سطور قليلة، الا انني أتوقف هنا عند عملية مراجعة كشف الحساب في الرياضة العراقية التي تحتاج الى جهد تنظيمي حقيقي، يستند الى الميدان أكثر منه كلام مؤتمرات، ومناكدات، وتصفيات حساب، وضغائن. وعملية المراجعة يجب أن تتحدد فيها الأطراف المؤهلة لها، من الوسط الرياضي المختص ومن خارجه ايضاً، ذلك انّ الرياضة لها جانب عام يخص المجتمع كله، ولابدّ من سماع آراء شخصيات من أوساط نخبوية أخرى من جامعات، أو معاهد، أو وزارات، أو اتحادات ونقابات فضلاً عن وجوه عامة لها رؤية ورأي ومن خارج العاصمة.
أولى المهمات هي التأكد من سد منافذ الفساد في اختيار اللاعبين المؤهلين للصعود الى مستوى تمثيل العراق عربياً ودولياً. وثانياً، العناية بالجانب الاجتماعي والمعنوي من التدريب، فاللاعب ليس ملك نفسه ليتصرف في حياته العادية وأوقات فراغه ونومه وسهره وسفراته الخاصة والولائم التي يحضرها كما يشاء، وانّما يجب أن تكون هناك اليات اعداد واسعة في المتابعة الاجتماعية لدائرة التدريب التي ينبغي ان تمتد الى مستوى أربعة فرق تحت الاعداد للتمثيل الوطني في آن واحد.
الان، نُقبل على متابعة مباريات بطولة كأس العالم الجديدة في الدوحة، وهذه مهمة جديدة للطواقم التدريبية والرياضية لدراسة مستويات الفرق وأساليب التدريب واللعب المستجدة ومكامن النجاح والاخفاق، وتحويل ذلك الى دروس على المستوى التدريبي محلياً من اجل ترسيخ مناهج واضحة تمثل خزيناً معرفياً عملياً.
كما انّ الإدارات الرياضية أصابها التكلس في العقدين الأخيرين، وتحتاج الى دماء جديدة على جميع المستويات، ولنقل انها الحاجة للتغيير بالتدريج بما يتيح نقل الخبرات وتلاقحها.
المسألة تحتاج الى جدية أكبر من اختصاص وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم ، نهضة الرياضة تحتاج أيضاً الى قرار سياسي في اطلاق برامج ذات سعة على المستوى الوطني وممولة من الدولة بشكل استراتيجي، وليس عملية ترقيعية تترنح مع وزير جديد أو قديم .