المسألة ليست عابرة، وتنتهي بتبويس اللحى والاكتاف بالرغم من انَّ ذلك التنازل يبدو جلياً من الجانب العراقي وحده وليس الكوستاريكي.
لنبدأ من بيان الاتحاد الكوستاريكي لكرة القدم في رفض دخول العراق بعد الموعد المضروب بين فريقي البلدين.
قال الاتحاد الكوستاريكي في بيان «ألغيت المباراة ضد العراق…، لأنّ الجانب العراقي لم يحترم الاتفاق المسبق في عدم ختم جوازات اللاعبين .
وشدد الاتحاد الكوستاريكي لكرة القدم على أنهم رفضوا الدخول الى البصرة
لأنّ جوازات سفرهم كانت ستختم بالختم العراقي، الأمر الذي سيؤثر عليهم في رحلات أخرى.
لنقف عند المسؤولين العراقيين الذين وعدوا بوعد يخل بالسيادة الوطنية للبلاد، مادام انّ وزارة الداخلية نفسها لا تعلم بما كان ، واستغربت حدوث الازمة ووصفتها، بشكل دبلوماسي، بالأمر غير المقبول.
ما هي صورة العراق في نظر كوستاريكا أولاً، لكي تطلب مثل هذا الطلب المُهين لكرامة العراق وسيادته ودولته الحديثة التي قامت قبل أكثر من مائة عام؟
في الجانب الآخر، نعم، توجد دول كبرى تسأل المتقدمين لطلب الحصول على تأشيرات دخول اليها عن السبب في سفر حامل الجواز الى العراق، لكنه إذا كان لاعباً دولياً فإنّ الامر سيكون واضحاً ومقبولاً. يا ترى هل هذا هو سبب الكوستاريكيين فقط؟
بلا شك انَّ كوستاريكا تختزي من الختم الرسمي العراقي لأسباب لا علاقة لها بكون البلد في صدارة الدول التي يستشري فيها الفساد وانَّ سرقة مليار دولار فيه مثل سرقة علبة سفن أب، او انَّ انفلات السلاح في البلد يكرّس اللادولة أمام وعود حكومية واهنة في التصدي للظاهرة الملتبسة على الحكومة ذاتها. كما انه من المؤكد انّ الرفض الكوستاريكي للختم العراقي لا يمتُّ بصلة كون الجامعات العراقية في الدرجة السفلى في التسلسل العربي أو العالمي، وانه البلد الأعلى في نسبة الامية التي كان قد محاها بشهادة من اليونسكو قبل أربعين عاماً، وانّ المجلس العلمي في بريطانيا أوقف الاعتراف بشهادات أغلبية المتخرجين من كليات الطب في العراق، فذلك كله لا يعني كوستاريكا من قريب أو بعيد، وانَّ لهم اسبابهم الخاصة بهم وحدهم.
الكرة في ملعب وزارة الخارجية العراقية قبل الداخلية، وما أكثر الكُرات التي دخلت هذا الملعب من دون دفاع أو هجوم أو حارس أمين. والسؤال المُلح هو كيف سترُد الخارجية على هذا تصرف البلد المستهين بقوانين العراق بالمثل، اذا كان هناك تمثيل دبلوماسي بين البلدين أو لم يكن.
نريد تفسيراً عراقياً رسمياً، حول الواقعة، ويرفض أيّ عراقي أن يهان بلده مهما كان رأيه بالحكومة المهلهلة التي تحكمه ، لأنّ اسم العراق لا ينبغي أن يُهان، وقبل ذلك لا ينبغي أن تكون مقاليده بيد مَن لا يستطيع أن يفرض احترام اسمه ومؤسساته وعلمه وختمه على العالم كله