لقد توسعت الجامعات والكليات الأهلية بشكل غير مسبوق في العراق بعد الاحتلال عام 2003، كما ستظهر لنا ذلك البيانات في أدناه. فقد سادت عملية التأسيس مظاهر التخبط والفوضى وغياب التخطيط وضعف تطبيق المعايير التي تضمن توفر المتطلبات الأساسية اللازمة للإنشاء والتأسيس، ومتطلبات جودة العملية التعليمية بعد التأسيس.
ففي ظل هذا الوضع المتدهور والذي لا يخضع لأحكام وقواعد رصينة، هل أصبح الاعتماد الأكاديمي ضرورة ملحة بالنسبة للكليات الاهلية نتيجة للتوسع الهائل في استحداثها؟
باختصار فان الاعتماد الأكاديمي في ابسط صوره هو وصول المؤسسة التعليمية او البرنامج التعليمي الى مستوى عالي من الجودة وبما يتناسب مع الاهداف ومع متطلبات المجتمع (لمزيد راجع الاعتماد المؤسسي والأكاديمي ومعاييرها للباحث هنار ابراهيم امين جامعة دهوك).
هناك نوعان من الاعتماد الأكاديمي: مؤسسي، والآخر تخصصي او برامجي (programming accreditation) وربما الاعتماد التخصصي هو المفضل عند فحص التخصصات الطبية وعند حصول الاعتماد فهذا يعني الاعتراف العالمي بهذا التخصص وحصوله على اعلى درجات الجودة.
ومن متطلبات الاعتماد الأكاديمي ما يلي:
1- وجود رؤية ورسالة مؤسسية، واهداف واضحة.
2- امتلاك مصادر وموارد مالية وبشرية وبنى تحتية لتحقيق الرسالة والاهداف.
3- وجود ضمانة تؤكد قدرة المؤسسة على الاستمرارية.
4- برامج تخصصية متطورة يقوم بتدريسها كوادر تدريسية كفوءة.
ومما تجدر الاشارة اليه إن الاعتماد الأكاديمي تمنحه مؤسسات خارجية في امريكا واوربا وليس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ان تطبيق الاعتماد الأكاديمي على التخصصات الطبية يعتبر مقدمة لتطبيقه على الاختصاصات الاخرى وذلك لان هذه التخصصات اصبحت متضخمة وفوق حاجة البلد ويمكن تقدير هذا من البيانات الاتية:
1- هناك 26 كلية طب حكومية و6 اهلية
2- 18 كلية طب أسنان حكومية و40 كلية وقسم اهلي
3- 18 كلية صيدلة حكومية و40 كلية وقسم اهلي
4- 15 كلية تمريض حكومية و21 كلية اهلية
5- تقنيات مختبرات طبية 5 حكومية و54 اهلية
6- تقنيات صناعة أسنان 5 حكومية و15 اهلية
مما تقدم وحسب اعتقادي ان الاقدام على تطبيق الاعتماد الأكاديمي على التخصصات الطبية كمرحلة اولى تتبعها التخصصات الاخرى خطوة مهمة لوقف التدهور في التعليم
مما يزيد في سوداوية التعليم العالي هو الاطلاع على بعض الاحصاءات الاجمالية عن خارطة التعليم العالي في العراق والتي تشير الى فوضى الاستحداث وما ال اليه وبدون تخطيط ومراعاة لحاجة البلد وسوق العمل وجودة المخرجات والتي لها انعكاسات كارثية على مستقبل ابنائنا واليكم اجمالي ما موجود من جامعات وكليات اهلية جامعة:
• 52 جامعة حكومية بضمنها جامعات أقليم كوردستان.
• 48 جامعة اهلية
• 50 كلية اهلية جامعة
وإذا ترجمنا هذه الاعداد الى كليات فلدينا على مستوى العراق أكثر من 800 كلية وأكثر من 5000 قسم علمي. فلمصلحة من هذه الكارثة التي ادت الى هدم التعليم العالي داخليا وخارجيا في ظل الفساد المالي والاداري وشيوع تزوير الشهادات وسرقة البحوث وحالات الغش وتدني مستوى الدراسات العليا والتي اصبحت اعدادها تنافس الدراسة الأولية.
ان هذه الصورة المؤلمة تتطلب من الجميع التصدي لها من اجل تعليم عالي يحمي مستقبل أبنائنا.
هل يمكن اصلاح التعليم العالي بدون اصلاح منظومة التربية التعليمية؟
من حيث المبدأ الجواب كلا لان مخرجات التربية هي مدخلات التعليم العالي، وعليه فان عملية الاصلاح يجب ان تكون متكاملة تبدأ من الروضة وتنتهي بالجامعة.
فالتربية كما هو معلوم اصبحت تعاني من شقين من التعليم هما التعليم الحكومي والذي يستقبل العدد الاكبر من المتعلمين ثم التعليم الخاص او الاهلي ودخل على هذين الخطين التعليم الخصوصي الذي قد يكون انه ناتج عدم وفاء البعض برسالته التعليمية ليدفع التلاميذ الى الانتساب الى هذا التعليم من اجل الارتزاق.
اصبحت التربية بعد عام 2003 تعاني من مشاكل عديدة ساهمت في تدني مستوى التعليم بشكل مخيف نتيجة عوامل عديدة منها:
• انخفاض مستوى المعلمين والمدرسين نتيجة ضعف الاعداد والتدريب.
• شيوع ظاهرة الفساد الاداري والقيمي.
• عدم كفاية البنى التحتية لاستيعاب التلاميذ وعدم اهلية بعضها كمرافق تعليمية.
• تخبط وزارة التربية في سياستها التعليمية وقراراتها في الاضافة بحيث ادى ذلك لانتقال التلميذ من صف الى صف اخر دون استحقاق.
• شيوع ظاهرة الغش في الامتحانات.
• عدم اخلاص المشرفين على الامتحانات المركزية مما ادى الى تسرب الاسئلة الامتحانية
• تخلف المناهج الدراسية وطرق التدريس.
• ظهور الغش في الامتحانات اليومية والشهرية ونتيجة لفساد في الهيئة التعليمية والإدارية.
• ضعف في القيادات الادارية في مركز الوزارة والمديريات العامة للتربية.
• نقص في التمويل للإدارات المدرسية ونقص في تجهيزاتها المادية والعلمية.
وغيرها كثير ولأجل تجاوز هذه المعوقات او المشاكل فلابد من ثورة للقضاء اولاً على الفساد المالي والاداري والسير في تنفيذ خطة مدروسة من اجل النهوض.