التوسع المفرط في التوجه نحو العسكرة الواسعة لإدارات الشرطة، ستشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلم المدني في البلاد، لعدم إلمام القادة العسكريين بالمهام الادارية والقانونية للحياة المدنية لعدم تأهيلهم المسبق لذلك، إن المناخ الصحي الحر الديموقراطي هو الذى يفرز القيادات الصالحة. وتكمن خطورة استمرار ظاهرة تعيين القادة العسكريين بالمناصب القيادية الشرطوية بما يعنى أن يكون هناك طبقة من العسكريين مسيطرة على المناصب الشرطية، أن استمرار هذه الظاهرة يمثل خطورة بالغة على مدنية العمل الأمني، وان اغلب العسكريين ممن نقلوا الى الشرطة في التسعينات وانيطت بهم مسؤوليات ادارية او ميدانية فشلوا في أداء مهامهم ولم يكتب النجاح للتجربة بل كتب عليها الفشل بعد مرور أقل من ثلاث سنوات. بسبب ان الحياة الشرطوية تحفل بالكثير من التعقيدات والتداخلات التي تحتاج إلى رؤى متعددة المستويات والجوانب، وتحتاج إلى ترتيب أولويات، وتحتاج إلى حلول إبداعية أو توافقية، وتحتاج إلى قبول الرأي والرأي الآخر، وتحتاج إلى التعددية في الأفكار والأشخاص، وتحتاج إلى المرونة، وتحتاج إلى الصبر وطول البال والاحتمال والتأمل والقراءة والحساب وتقليب الأمور على وجوه شتى قبل اتخاذ القرار، إذن فنحن نظلم ضابط الجيش حين نضعه في غير موضعه، فهو قد عاش وسط جنود وأفراد تعود منهم الطاعة والانضباط، وتعامل مع قادة له لا يسمحون له بالاختلاف أو الاعتراض وتربى على عقيدة الولاء، وبقاء هذه النظرية القديمة حتى الآن ممثلة في هذا العدد الكبير من اللواءات يعتبر تكريسا لفكرة عسكرة الدولة ويعتبر ابتعادا عن مفهوم الدولة المدنية والتي تعرف بأنها دولة ليست عسكرية. ان ظاهرة تواجد العسكريين في المناصب الإدارية المدنية موجودة في العديد من دول العالم، ولكن هناك العديد من المعايير التي يخضع لها هؤلاء العسكريون، قبل أن يتقلدوا هذه المناصب الإدارية تشترط أن يجتازوا عددا من الاختبارات، بالإضافة إلى أنهم يقضون عدة سنوات بعد خروجهم من الخدمة العسكرية، ليعتادوا على التأقلم مع الحياة المدنية، ولكن الحاصل لدينا حالياً في العراق هو منح من كان يحمل رتبة بالجيش العراقي السابق، رتبة لواء شرطة بصورة جزافية، وتناط به مسؤولية ( قائد شرطة )!!!، فهؤلاء القادة من هم ليست لديهم الخبرة والكفاءة في المجال الامني، وهنا تكمن الخطورة، حيث أفرز الواقع سوء الادارة والتخبط بالتصرف واصبحت مراكز الشرطة (ثكنات عسكرية)، كما انخفض معدل ونسبة كشف الجريمة، وكذلك ارتفاع بمعدل الجريمة ، واقترن ذلك باتباع النهج العسكري بالتعامل مع الشارع… الخ، وغير ذلك من الإفرازات الوخيمة على المواطن اضافة الى انعكاس النشاطات العسكرية على الاداء الجنائي والامني والاهتمام بأمور سطحية وشكلية ومظهرية على حساب الأداء الحقيقي للأمن.نصيحة لوزير الداخلية من رجل شرطة متقاعد مخضرم بانك ستخسر الكثير باستبعادك لكفاءات الشرطة وافراطك باعتمادك على العسكر، وان توجه اهتمامك في بناء رجل الشرطة (مهنياً، وتدريبياً ، وثقافياً) لخلق بيئة عمل ناجحة والابتعاد عن عسكرة الشرطة واناطه الامن الى مؤسساته وابعاد الجيش عن هذه المهام ، وعند انتهاء مهامك كوزير سوف اذكرك بانك قد تكون خسرت سمعتك المهنية العسكرية التي كنت ناجحا فيها ، قد يكون تخسرها بالداخلية بسبب التوسع المفرط بالعسكرة ، وأتمنى ان تتعظ من تجربة فشل الوزراء ممن سبقوك.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *