الأمثال والشواهد في مجتمعنا كثيرة ولربما قد يصاب القارىء بحيرة، عن مجموعة تلتف حول شخص لتقرر مصيره، لتصنع منه شخص بنظرهم قل نظيره، لديهم قوة بصر ولكن المشكلة تكمن في اختفاء البصيرة، وأصبحوا له خدم ينقلون له الصغيرة والكبيرة، ليستمر نهجهم ويكونوا على شكل حلقة تؤثر على حلقات من أبناء وأقرباء وأصدقاء وهكذا لتبقى المسيرة.
جزء من الناس يخدم بالبداية مكرهين غير راغبين ، بل مغلوبون على أمرهم ولكن المشكلة في الذين يأتون من بعدهم، ومثل هذه الأصناف إقناعهم فيما يعملونه خطأ وربما خطيئة هي عملية شبه مستحيلة، لأنهم تعودوا على هذا الشيء وعندما تأتي لإقناعهم سيرفضون وربما يكون لهم رد فعل سلبي، لذلك الكاتب الفرنسي “إتيان دو لا بويسي” تحدث عن العبودية المختارة في مقالة كتبها في السادسة عشر من عمره، ونشرها صديقه مونتاني وتتمثل المقالة بمرافعة قوية ضد الطغيان لاسيما أن صاحبها أراد التقصي عن أسباب خضوع الناس لحكم شخص واحد لايملك من القوة إلا ما اعطوه الذين يلتفون حوله، ليس لحسن إدارته وإنما بسبب عامل الخوف الذي يفسر استمرار هؤلاء بالاستعباد، وتحدث عن عاملين من عوامل الخضوع عن طريق استغلالهم وتوظيفهم على الجهلة هما الدين والخرافة، ثم أن سر كل طغيان يكمن في إشراك فئة قليلة من المستعبدين في اضطهاد سائرهم، وهكذا يرمي من أوصله للحكم بالفُتات إلى زمرة المتملقين من أتباعه فلا يكتفي هؤلاء بما كسبوا وانما يفعلون أشياء ليتقربوا بها إلى سيدهم وهؤلاء هم من يختار العبودية طواعيةً وليس بالاكراه، ويمارسون أشياء تغضب عامة الناس ولكن لا أحد يتكلم بها بسبب عنصر الخوف، وهكذا يتكون هرم الطغيان.
الحقيقة الدهُماء لديهم الارتياب لمن يحبهم وسذج حيال من يخدعهم، وهناك مثل افريقي يقول إذا التقى عبدان سوف يكون حديثهم النيل من الحرية، لأنهم اعتادوا على شيء مزيف نتيجة مرور وقت طويل على حالة العبودية، مثل القانون الذي أصدره أبراهام لنكولن ويقتضي هذا القانون تحرير العبيد في امريكا لأنه ينظر كيف يمكن أن تحكم امريكا العالم ولديها عبيد!! ولكن الصدمة كانت برفض العبيد هذا القانون لانهم معتادون، وبالتاكيد عندما تحاول أن تنقله من العبودية إلى الحرية سوف يرفض كالذي لم يرَ نور الشمس منذ سنوات وبعدها يخرج لضوء الشمس سوف يغمض عيناه ويتراجع إلى أن يتعود، وهذا يذكرني بملك البنط “ميثريدات” كان يخاف أن يموت وهو مسموم لذلك اعتاد على شرب السم بجرعات صغيرة منذ صباه حتى اصبحت لديه مناعة ضد السم وعندما أسَّره الرومان في أحدى المعارك أراد أن ينتحر بشرب السم ولكن لم يمت بسبب المناعة التي اكتسبها من الجرعات الصغيرة، وهذا ينطبق على الذي يبتلع سم العبودية دون أن يجد طعمها مراً.
للحرية طعم لا يتذوقه إلا الاحرار الذين يعبرون عن رأيهم ويتصرفون وفق قناعتهم ولا ينحنون لأي شخص، لذلك مارتن لوثر كنغ يقول “لاحد يستطيع ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت، ولا يمكن أن يبقى الناس المقموعون على حالهم إلى الأبد ، إذ أن التوق للحرية يتجلى في نهاية المطاف، سيأتي الوقت الذي تكون فيه العدالة واقع لجميع الناس”، لذلك أكسب حريتك واخسر العبودية، فسوف يأتي يوم يتساقط المتملقين المتسلقين المحيطين بهذا الشخص أو ذاك عندما ينقطع الفُتاة عنهم لأنهم ليسوا اصحاب مبادىء أو عن قناعة لربما خوف أو طمع وجشع لذلك يقاتلون من أجل العبودية فيخسروا الحرية.