واجه القضاء العراقي تحديات صعبة تطلبت مواقف ثابتة في مواجهة قضايا النزاهة والفساد المالي والإداري خاصة في ماسمي سرقة القرن، حيث أولى رئيس مجلس القضاء الأعلى السيد فائق زيدان الموضوع مايستحق من أهمية رغم الضجة المفتعلة، وردات الفعل غير المحسوبة التي جاءت نتيجة لقرارات قضائية لم يتحسب لها المتجاوزون على المال العام، ولعلهم ظنوا أن القضاء يمكن أن يستجيب للضغوط، أو يتردد، أو يفتقد قدرة الحسم، لكن ماصدر عنه كان يمثل الإستقلالية والعدالة، ووضع الأمور في نصابها الصحيح دون الإلتفات الى من يحاول زعزعة ثقة الناس بالقضاء ودوره.
لم يكن غريبا الثناء الذي عبر عنه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني والإشادة بالقاضي ضياء جعفر قاضي محكمة الكرخ خاصة في قضية الأمانات الضريبية، المعروف عنه الحزم والجراءة في قراراته وأحكامه القضائية المتصلة بالنزاهة والمال العام. حيث عبر السوداني عن تقديره العالي للقاضي ضياء جعفر وشجاعته في الحكم، ومؤكدا أن قراراته وأحكامه لم تخضع مطلقا لضغوط سياسية، أو بأي عنوان ٱخر، ومثلت إرادة مستقلة وكاملة، ومعبرة عن روح العدالة التي تمثل النبل في الحكم، وعدم الإنحياز، أو المجاملة، أو الخضوع لإعتبارات العاطفة، أو المزاج.
وفي مناسبات عدة كنا نوهنا الى إن قضايا الفساد أثبتت أن القضاء كان عادلا ونزيها فقد تعامل مع المصلحة العليا للدولة دون الإهتمام بعوامل الإثارة، أو إستعطاف الرأي العام، أو إستثارة وسائل الإعلام ولذلك جرى إلقاء القبض على متهمين بقضايا فساد، وتم إطلاق سراح من ثبتت براءته، ولم يكن هناك مجاملة، أو تردد في إثبات التهم على البعض، وتأكيد بعض الأحكام، وحتى في بعض الإجراءات التي كانت تتطلب وقتا وهدوءا وسرية، وقد تحمل القضاء التأويلات والطعون لأنه لم يكن ينتظر الرضا من هذا الطرف، أو ذاك، بل الحكم وفقا لمعايير العدالة الكاملة، وتحقيق متطلبات المصلحة العليا للدولة، وضمان عدم المساس بحقوق العامة.