أعرف انه لا يوجد أي كاتب تناول هذه المسألة في العراق لحساسيتها وقصور الفهم غالباً في التعاطي معها بحكم الولاءات والتجاذبات السياسي التي ليس لها في ميزاني مثقال ذرة من خردل، لذلك أجد نفسي متحرراً من قيودها وتحفظاتها والجميع عندي سواسية وبسعر سياسي واعتباري واحد. لكنها تستحق التوقف لأنها تكاد تكون الوحيدة في دول العالم مع بعض الاستثناءات كما في لبنان وربّما إيران. مشدداً هنا على انّ إعمال الرأي فيها لا ينتقص من موقع أي مسؤول، وانما هي رؤية لتنظيم شبه بروتوكولي في تعاطي العراق مع الشأن الخارجي. هذه المسألة هو اضطرار أي مسؤول كبير وافد الى العراق من الدول الأخرى ان يلتقي بالرئاسات الثلاث، وربّما أحيانا الأربع أي مضافاً اليها القضاء، في معرض زيارته لبغداد، حتى لو استغرقت الزيارة ساعتين فقط. في حين انه يمكن ان يجري العمل بتقليد معين في ان يحضر الرؤساء الثلاثة معاً، ثم يصار الى عقد المباحثات الرسمية مع الرئيس الاوثق علاقة بموضوع زيارة الرئيس او الزعيم الضيف.
في المحصلة العملية والتنفيذية، انّ الدولة كلها في يد رئيس الحكومة، ذلك ان منصب رئيس الجمهورية قائم لاعتبارات حفظ الدستور واستحقاقات تنظيم المسؤوليات بعد الانتخابات خاصة، مع مهام بروتوكولية عدة لها مناسباتها الداخلية او الخارجية. كما انّ رئاسة مجلس النواب مرتبطة بقرار الأغلبية التي هي أساسا شكلت الحكومة وتمارس دعم رئيسها، وبالتالي فإنّ رئيس الحكومة هو الواجهة الأساسية التي تضطلع بتمثيل العراق لأنها حاصل جمع وطرح وقسمة وضرب جميع أنواع الرئاسات وصلاحياتها.
المسؤولون الدوليون الزوار يضطرون الى تكرار نفس الجُمل والمفردات والصياغات اللفظية عند مقابلة كل طرف من الرئاسات الثلاث في ظرف قد لا يتجاوز ساعتين او ثلاث ساعات أحياناً.
لا أهمية لهذه الشكليات التي لم تقدم ولم تؤخر، وانَّ رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي الأول ويتولى كل شيء ، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً في تعديل الدستور وتصحيح مسار وضع مربك ولا يمثل السياقات التي يحتاجها البلد بفعل واقتدار وعزم.