كوكب الأرض الذي عاثت فيه الحكومات القوية والضعيفة فساداً وانتهاكاً عقداً بعد عقد، حتى استغاثت طبقة الأوزون والطبقات العليا من الأجواء والاعماق السحيقة من البحار واستغاثت الأشجار والانهار والبحيرات، هذا الكوكب المبتلى بنا، باتت كوارثه الطبيعية تضع الدول جميعها في ساعة واحدة عند خط شروع واحد لمواجهة مصير ملايين البشر.
كارثة الزلزال المدمر في تركيا وسوريا، كبيرة في جميع المقاييس في ظل أوضاع اقتصادية وصحية متعبة تعيشها معظم المناطق التي أصابها الزلزال فضلا عن نسبة الفقر المتفشية، وكل ذلك يأتي في أكثر أيام السنة رداءة في الطقس حيث الثلوج تتساقط بكثافة مع برد وامطار في المناطق الأخرى، وهذه عوامل فاقمت الفجائع وأعاقت عمليات الإنقاذ. وهناك مبان كبيرة لا معلومات بعد أربع وعشرين ساعة من الفاجعة عن عدد ساكنيها الذين لا يزالون تحت الأنقاض.
لا حواجز سياسية، أو اعتبارية، أو ضغائن أو خلافات أمام تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للملايين الذين لم يكونوا يوماً من الأيام، طرفاً في أي نزاع على ثروة أو أرض أو سلطة. وهذه المصيبة تضع صورة المنطقة تحت مكبرات هائلة لتبدو المشاكل بين البلدان أو داخل البلد الواحد تافهة إزاء كوارث طبيعية لم تفرق بين مناطق تسيطر عليها المعارضة في سوريا ومناطق يسيطر عليها النظام.
أعداد قتلى الزلزال تزداد بالساعات بسبب كثرة المباني المنهارة وبعضها مستشفيات واهنة البناء في أساسها، ولكن قتلى الحروب المجنونة في تلك الأماكن على سنوات طويلة كانت أضعافاً مضاعفة، بفعل البشر، من دون ان يلتفت أحد الى جسامة الجرائم ضد الإنسانية التي كانت ترتكب، لأنّ اشعال اية حرب هو جريمة ضد الإنسانية بعيداً عن تفاصيل التوصيف القانوني الدولي لجريمة الحرب واشتراطات تحققها.
النكبة هائلة ومخيفة، واذا كانت تركيا تمتلك مقومات الدولة القوية بإمكاناتها الفعلية والاقتصادية التي تسهّل لها التعامل السريع مع فداحة الخسائر والاضرار، فإنّ سوريا بلد منكوب بحرب دامت اكثر من عقد من الزمن، ولم تشهد تعافياً بعدُ في اقتصادها أو جروحها الاجتماعية والمعيشية، ومن هنا تكون مصيبتها أكبر، إذ ينبغي ان يهب العرب قبل سواهم الى نجدتها على نحو استثنائي، لعلّها مناسبة لتحسين العلاقات واطفاء النيران المستعرة في الصدور قبل البلدات والبراري