يتميز الجزء الأعظم من الأجيال الحديثة باضطراب الذوق الموسيقي لديها والميل الى الالحان الصاخبة غير المنضبطة بمقام واضح أو لحن منسق أو اعتدال هارموني أو ما يطلق عليه ( التوافق النغمي ) وهي تجنح دوماً الى الالحان الجافة التي ينقصها الحنان والحب والمشاعر الرقيقة والأحاسيس المرهفة … أن الالحان الموسيقية كلوحات الرسام فيها الواقعية التي تعبر بكل وضوح عن الغاية والمعنى وفيها اللوحات الرمزية
(السريالية) التي تعتمد الغموض في تداخل الاعضاء مع بقع الالوان الملطخة بما يسمى بالفن السريالي الذي ظهر في فرنسا في منتصف القرن الثامن عشر وثبت فشله بمرور الزمن فهي تحتاج دوماً الى مترجم لكي يبين للحضور ماترمز إليه اللوحة الملطخة بالألوان من قصدٍ ومعنى كما هو حال الغموض الظاهر في نصب الحرية بساحة التحرير وسط بغداد منذ ستينات القرن الماضي فلا وجود لأي أرتباط بإيقوناته المنفصلة واحدة عن الأخرى ويكتنف الكثير منها الغموض والضبابية في المعنى أي ( المعنى في قلب الشاعر) كما يُقال .. واني اشبّه هذا الفن التشكيلي الرمزي بالموسيقى فكلما كانت المعزوفة واضحة تنبع من جذورنا أو واقع حياتنا وتعكس سعادتنا وآلامنا نتمسك بها ونرغب في سماعها لكونها تتوافق مع أذواقنا الشرقية المليئة بالرومانسية والإلهام الروحي وهذا يعود على اكثر الظن للعطش العاطفي الذي يغزو نفوس الرجال والنساء على السواء من وراء انعزال المرأة عن الرجل في المجتمع واختفاء جمال المرأة وراء الحجاب ولوعة الرجل من غموض السر الكامل في ثنايا ذلك الكائن الجميل ، فهي أقصد موسيقانا وليست ( المرأة ) تريح أعصابنا وتشعرنا بالطمأنينة والسلام وتوصل وجداننا بذكرى احبائنا الذين سبقونا فهي تحمل في عبير نغماتها وشذى صداها الحب والجمال والإخلاص والصدق والوفاء .. اتمنى من الاخوة الملحنين والعازفين ان يتمسكوا بهذه التوصية لينالوا استحسان المستمعين ورضاهم .