كطفل مُشاغبٍ يُخرِجُ بسيقان نبات “البَهْمَةِ” العقارب من جحورها
يُخرِجُنا هذا الموتُ
من جحورنا
ولكنّكَ
/أنت الذي جئت إلى هذا العالم
لطيفا ومسالما
ككلب “كانيش” تلاعبه سيّدته و تبتسم/
لن تستطيع أن تمنع أحدا من الذّهاب إلى موته!
أنت، أيضا، ينتظرُك حتفُك؛
أنت الذي لم تغركَ بالخروج ساق نبتة “البَهْمَة”
حين دسّها الموت في جحرك
ولكن
سيبتكر لك ألف طريقة أخرى تورّطك في كتابة آخر سطر
كأن يبتدع لأجلك
صرخة فراشة اغتصبها الضّوء
فتخرجُكَ
أو يُخرجُكَ لحن بعيد ينبعث من ناي نبيْ؛
نبيُّ يتدلّى من سقف رأسك، المثقوب، كعنكبوت!
يتدلّى رأسا على عقب
و يكتبُ نبوءاته بأصابع تعاني من الأرق و من اكتئاب مزمن
ويسألكَ:
هل كتبتَ نشيدَك اليوميّ، هذا الصّباح
ثمّ وزّعته كمنشور خطير ضدّ السّلطة
على عواميد الإنارة العائدة من السّهر
وعلى القنافذ المتثائبة وهي تشرب قهوتها قبل أن تخلد للنّوم؟!
كنتَ تعتقدُ أنّك خارج الصّورة،
خارج الحضور
وخارج المشهد
وكان فرحك الصّغير يمسح بكُمِّ قميصه مخاطه
ويمصّ اصبع حزنك
حين تَمتَمَتْ لك:
“أنا معجبةٌ بكَ”
فتاة البلاستيك التي تعمل “مانكان” في محلّ بيع الملابس
لكنّك
لم تسمعها!
لقد كنت مشغولا جدّا بأزمة العصافير التي لا تكبر في جيب سترتك
وكُنْتَ.. تعبُرُ حُدُودَكَ
خلسةً
حتّى لا يدوس الموت طرف ظلّك
فتتعثّر
وتسقطْ
لكّنك لم تفطِن لكتيبة النّمل التي رصدتك
والجُعلُ السّكران
الذي كان يضمّد بحزنه
جرحا عميقا
غائرا في صدر وِحْدَةِ خنفساء روث أرملة
تَبَيَّنَ وجهَكَ
وحين حدّقَ فراغُك فيه
ادّعى أنّه مشغول بتقبيل حبيبته ولم يشاهدكَ!!
لقد كان الوقت متأخّرا جدّا
وكان الحزن باكرا جدّا !
كانت السّاعة: أنتَ و منتصف الموت
وكان “الماغوط” يحرق كلّ دواوين الشّعر التي كتبها
حين ثارت “سنية صالح” في دمه
بعد أن فرّت، منه، مع موتها
وما ردعت ثورتها قصيدة واحدة من قصائده!
أنتَ كنت تعرف “الماغوط” قليلا؛
كنتَ تعرف أنّه يحبّ كلّ شيء كثيرا
ولكنّه كان يحبّ النّوم أكثر من كلّ شيء
وأنت الذي كنت لا تحبّ الشّعر
كنت تحبّ شعر “الماغوط” كثيرا
ولكنّك مثله، تماما، كنت تحبّ النّوم أكثر؛
النّوم تمرينك اليوميّ على الموت؛
الموت الذي ينتظر خروجك من جحرك
وهو يلوك أحذية من حاولوا الفرار منه
ويبتسمْ
كلّما تذكّر مشهد فرحك الصّغير و هو يمسح مخاطه بكمّ قميصه!
هل تذكّرت المشهد، الآن؟!
نعم.. الفتاة البلاستيكيّة…
نعم.. المعجبة بك…
كان الموت يجلس داخل عينيها الباردتين؛
يشاهدك
وهو يدخّن طفلة عمياء سرقها من سرير أمّها العاقر…

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *