عما قريب تنهي الأفلاك دورتها
سيهبط ملاك الموت مرتدياً بذلته الرسمية الأنيقة ليغوي روحي بالصعود معه إلى مكانها المفترض
يغريها بالخلود
بحياة مختلفة تتغير فيها قوانين الفيزياء
وحين يستلها من جسدي ويضعها في ترمسه الثلجي يصعد بها إلى السماء
وفي الطريق إلى هناك تصطدم روحي بأحلامها التي لم تتحقق
بأمنياتها المعجونة بماء السحاب
بأغاني الطيور
بالكلمات المحبوسة المرتعشة خوفاً من محاكم التفتيش
بردود السماء على دعاء أمي ورفضها على محاولاتي اليائسة للحياة

***
عما قريب سأموت ثانية
هذه المرة سيكون موتاً مريحاً لا يشبه موتي السابق
لن أنتظر فيه فجراً مزيفاً
ولا سحابة تومئ برأسها حتى إذا اقترب ذقنها من الأرض عادت ثانية للسماء
لن تخدعني الأيام ثانية فلا يُلدغُ الميّتُ مرتين..
هو موتٌ واحد
واحدٌ فقط وقد كنت في موتي السابق أموت كل يوم
دون عزاء
دون أن يتلو أخي الصوفي قصائد ابن الفارض وابن العربي
كنت أموت دون أن يغمض أحدهم عيناي الجاحظتين من فجيعة الحياة..

كنتُ أموت حسرة على تسرّب الأيام من بين أصابع العمر وهي عذراء وأنا أقف أمام أنوثتها كالأبله عاجزاً حتى عن التحرش بها
أقف على ناصية الحرب ألعن القناص الذي أخطأني وأصاب طفلة مكتظة بأحلامها الندية

كانت الأمهات اللواتي فقدن أولادهن في الحروب يقتلنني بموتهن الصامت والمآسي المتقيحة في قلوبهن

أما بعد زيارة الملاك / المنقذ فهو موت واحد
موت واحدٌ فقط

***
أوه يا عزيزي الملاك
لم تبدو لطيفا !
أرجوك لا تقل لي أنك أخطأت بالإسم والعنوان ؟
أتوسل إليك ..
أنت لن تنتزع روح حيّ استمتع بطيباته في الحياة الدنيا
هي روحي أنا ..
أنا المخلوق من عجينة الأحزان وماء الخيبات
أنا المعجون بصلصال المآسي والفجائع
أنا الذي كان يضحك لأن الألم كان يدغدغني
وأبتسم للدنيا كبرياءً وثأراً لسنيني العجاف
فقد علموني أن البكاء خطيئة وأن الإستسلام للحزن من خوارق المروءة
أعدك يا عزيزي الطيب أني سألتزم بكافة التعليمات
لن ألتفت للوراء
لن أندم على صبا الأيام لأني ولدتُ عجوزاً
ولا على الفجر الضحوك فأنا الذي كنت أصنع فجراً مزيفاً لأرتديه أمام أولادي حين أعجز عن توفير مصروفهم المدرسي
ولست ثرياً لأسرح في شجون الذكريات والزمن الجميل
عشت يسارياً مشبعاً بتنهيدات المسحوقين فبنيتً منها أحجار أيامي
وهكذا فإن روحي لن تتعبك كثيراً وأنت تمارس طقوس عملك المهيب

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *