عرفت ما فيها وانا استقبل المجهول واخشى منه.. داعيا الله وحده واقول لسنة 2022 وداعا.. وداعا.. هي سنة حان وقت فراقها عن روزنامتنا وعن كل تقويماتنا الورقية والالكترونية.. هي سنة دخلت الى خزانتها ولملمت ثيابها، من فستان من ورق الخريف، وشال من زهر الربيع، وقبعة من فاكهة الصيف، وحفنة مطر من كنزات الألوان.. هي سنة 2022 توضب اغراضها وحوائجها في حقيبة سفرها الى بلاد أخرى.. تسافر بلا أسى او فرح، لأن الزمن لا قلب له، الزمن بلا مشاعر، الشفقة ليست من شيم الزمن، مهما توسلتم اليه، الزمن لاينضب مهما بددتموه، الزمن غني بنفسه، لا يهتم لفقركم او لثرواتكم، الزمن عقل نفسه ولا يرحم.. السنوات تأتي وتروح، السنوات لاتموت، بل تواصل انفاسها في هواء اخر غير هذا الهواء، السنوات لاتموت ولا تعيش معنا كل الوقت، كل سنة تزورنا سنة جديدة تهبط على ارضنا بلا استئذان، وبلا موعد، ولا تهاتف قبل وصولها، وتأتي في الوقت المحدد لها، وتجلس متربعة وتفتح دفاترها، دفتر لنكتب نحن على صفحاته اعمارنا، ودفتر خاص لها لتكتب السنة يوميات عن يومياتنا المخفاة، والتي نخاف او نخجل من تدوينها او قولها.

في كل سنة نعيش عمرين، عمر نعلنه ونعيشه، وعمر أخر نخفيه، كالاحلام المحبطة مثلا، والامنيات المجهضة، والزمن له ذاكرة لا يمكن محوها، الزمن حافظ وكاتم السر.

كل سنة جديدة نخشاها، نرتعب منها، نفزع من غموض الاتي معها، وما تخفيه لنا ورغم ذلك نستقبلها على أمل انها أفضل من السنة التي سبقتها، وحين تغادر لا يعنيها ضجة الساهرين لها، ولا تهتم لكل ضجيج الاحتفالات بقدوم السنة الجديدة، واخر همها ان نودعها بالتمنيات او نصحبها باللعنات.

وقبل انصرافها، جلت سنة 2022 تودعني وتؤنبني وتعظني وتحللني وتناقشني وتلاحظني، وانا أصغي اليها بكل جوارحي، وناولتني خريطة طريق لأتعلم السير في السنة الجديدة، ورحت كمعلمة مدرسة تستعرض موادي وارقامي في مدرسة العمر.. أين رسبت، وأين نجحت.. قالت لي: “الحب هو سر العمر، سر الزمن أن لا تؤجل ولا تتلاعب في زمن الحب، وسر الحياة هو في حب الزمن”.

هي سنة فتحت دفاترها لي، في جردة سنوية للموجودات والأرباح والخسائر والرصيد العاطفي، ومنحتني فرصة سعيدة جديدة للتعويض عن افلاسات، واعطتني سرا “حافظ على احلامك كل سنة، الاحلام ليست ملكا لأحد، الاحلام وحدها بلا ثمن، وكل عام وانت حالم من عام الى عام”.

وبكيت لفراقها لأنها سنة من عمري ذهبت بلا وداع كلها شموخ وبقيت انا انتظر المجهول المخيف، اللهم أحمنا من كل شر فيها وارزقنا خيرها.. يا الله يا الله يا الله.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *