ان أكثر ألحان الموسيقى الغربية هي من النوع الرمزي التي تحتوي نغماتها على الغموض والتبعثر والشرود على السُلّم الموسيقي وتسبب الإزعاج في نهاية المطاف لمن يستمع إليها ويكاد أن يكون معناها مدغم بالغموض حيث تحتاج على الدوام الى مترجم لكي يصف لنا معنى هذه المقطوعة أو تلك الانعطافة في سياق هرج اللحن ومرجه … في الحقيقة كان حال الملحن بيتهوفن على سبيل المثال حاله حال أي مؤلف موسيقي من الدرجة العاشرة وليس مؤلف خارق كما يدعي البعض فأن شهرته كانت مصطنعة لكونه كان أصم وكان لمتبنيه من أصحاب شركات الانتاج الموسيقي غايات تجارية ربحية حيث استغلوا عوقه السمعي ليبيعوا آلاف الاسطوانات الموسيقية في حينها على أساس انها صادرة من إنسان خارق فهناك من ينتقد موسيقاه الصاخبة لأنها تصلح لصخبها أن تكون موسيقى تصويرية بربرية مثلاً أسد يطارد غزالة او افعى تلتف حول جسد حمل او نسر ينهش بمخالبه أرنب أو معركة دموية بالسيوف بين جيشين وكأنها تشير دوماً إلى القتال والهجوم وسط الطبيعة لتفتك بأجساد المخلوقات وتقطع الزهور من سيقانها وتقلع الأشجار من منابتها وترمي بالطيور والفراشات الملونة الى المحرقة ، انها الحان تعبث بجمال الطبيعة وسحرها الأخآذ …. يقال أن السفاح هتلر وبعضاً من اعوانه وحلفائه بضمنهم الدكتاتور موسيليني الذي اعدمه شعبه مقلوب الجسد كانوا يعشقون مؤلفات بتهوفن بسبب توافق ألحانها المدوية مع أفكارهم الإجرامية العنيفة فقد ظهرت ايضاً في الدول الغربية بعض الفرق التي تعزف النشازالموسيقي وتعتبره تجديد في الشكل اللحني .. ولكن هذا لا يعتبر تجديد بالمعنى الحقيقي حيث جاء طلباً للشهرة والربح المادي والرقص المجون وحب الظهور ليس الاّ … وأني أدعو القارئ الكريم ان يقارن بين موسيقانا الشرقية الأصيلة وخاصة ذات الألحان الطويلة منها التي تقارب السيمفونيات في أزمانها من أمثال موسيقى اغنية دارت الايام لأم كلثوم او ليلة حب او اغنية الكرنك لعبد الوهاب بالاضافة الى اغاني فريد الاطرش مثل (اول همسة وعش انت والربيع ) فالحان تلك الاغاني وغيرها كانت أقرب الى السمفونيات وهي أفضل على ما اعتقد بما جائنا به بتهوفن أو (تشايكوفسكي أو أنتو روبنشتاين أو كورساكوف ) من فوضى نغمية في اكثر مؤلفاتهم ذات النغمات الانفجارية المدوية… هناك المئات من المقطوعات الموسيقية العربية محفوظة في خزائن أرشيف الإذاعات التي تأسر بموسيقاها الأرواح وتخفق لجمالها القلوب ….. ان أكثر الألحان الغربية لاتمد بصلة الى ثقافتنا ونشأتنا العربية فهي خطر يحدق بأذواق اجيالنا القادمة ويجدر بنا ان ندعو الى تطوير أدواتنا الموسيقية على ان تبقى في أطار تختها الشرقي الجميل الذي يطلق العنان للروح في فضاءات رومانسية تلهب المشاعر وتقذف بالنفس صوب السعادة والانشراح .