في السياسة العراقية الجديدة ، وكشعار سياسي لاستراتيجية المشاريع الاقتصادية الناجحة تم تداول مصطلح طريق الحرير نيابياً وحكوميا واعتبره البعض مخلصا حقيقيا لأزمة العراق وتطويرا لمنفذه البحري وجعله حلقة الوصل الاقرب بين الصين وشرق اسيا والخليج العربي مع اوربا .

وتأريخيا طريق الحرير هو عبارة مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن وتمرّ عبر جنوب آسيا (والتي كانت تعرف بتشانغ آن) في الصين حيث ترتبط مع أنطاكية في تركيا التي تعتبر الرابط الاسيوي مع القارة الاوربية ، بالإضافة إلى مواقع أخرى .

وكان تأثير الطريق يمتد حتى كوريا واليابان. وقد أخذ مصطلح طريق الحرير من الألمانية (زايدن شتراسه Seidenstraße)) حيث أطلقه عليه الجغرافي الألماني فرديناند فون ريتشهوفن في القرن التاسع عشر.

كان لطريق الحرير تأثيرا كبيرا على ازدهار كثير من الحضارات القديمة مثل الصينية والحضارة المصرية والهندية والرومانية حتى أنها أرست القواعد للعصر الحديث. يمتد طريق الحرير من المراكز التجارية في شمال الصين حيث ينقسم إلى فرعين شمالي وجنوبي. يمرّ الفرع الشمالي من منطقة بلغار- كيبتشاك وعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولاً للبندقية. أمّا الفرع الجنوبي فيمرّ من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين والعراق والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا.

طريق الحرير

هذا هو طريق الحرير قديما ، وهو واحدا من مسارات الرحالة في كشوفاته وقد استخدم بعض محطاته الرحالة الايطالي ماركو باولو في رحلته الاسطورية من البندقية الى الصين حيث مكث ضيفا ولزمن طويل على امبراطورها المغولي الشهير قبلاي خان ، وحتى في رحلة الرحالة الطنجاوي ابن بطوطة هناك محطات من هذا الطريق بالرغم من ان رحلة ابن بطوطة كانت قبل شيوع المكان ومحطاته ومصطلحاته.

ما يهمنا الآن هو أن طريق الحديث يتم تداوله في الحملات الدعائية بين الساسة والنواب ،ولا ضير ان يتم احيائه رغم بعض العوائق التي تحول دون ذلك ومنها المصالح الاقليمية والاقتصادية لدول جارة للعراق او قريبة منه ، لهذا فأن احيائه بصورته العراقية لا يمكن تنفيذه الآن بالرغم من انه طريقا نافعا لبلد ينبغي ان يكون له مكانه الجغرافي والاقتصادي الحقيقي .

واتمنى ان لا يكون سعي الصين لإقامة مشاريع اقتصادية عملاقة واحياء البنى التحتية في العراق بما يطلق عليه الاتفاقية العراقية ــ الصينية هو الحلم الدائم ما دمنا نمتلك المال والسيادة ونستطيع ان نجلب من نريد ولا ان نجعل طريق الحرير ايقونة لحلمنا الاقتصادي بالرغم من اهميته .

واتمنى على الدولة بدلا عن طريق الحرير ان تهتم بطرق الموت التي تقتل يوميا عشرات المواطنين الابرياء في حوادث السير حتى يكاد ان يصبح كل طريق رابط بين محافظة واخرى هو طريق الموت . والسبب هو ان معظم تلك الطرق باتجاه واحد وبمسافة ضيقه وما يطلق عليه ( سايد واحد ) ، اضافة الى بدائية والتسرع في التنفيذ والمطبات والحفر والتكسرات ورداءة نوعية الزفت الذي يتم فيه الاكساء وغالبا م يكون خارج المواصفات.

هذا هو موت طرقات الاكفان وليس طرقات الحرير ، لهذا يكون الاهم اليوم ان نعتني بطرقات الموت ونزيح هاجس الرعب والخوف والنعوش عنها ، ومن ثم نلتفت الى طريق الحرير . وقتها يستطيع الف ماركو بولو وابن بطوطة ان يمر بالعراق زائرا ومتبضعا ويشرب من مائه ويأكل من تمور نخيله.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *