حين طلب مني الاستاذ الشاعر ناظم السماوي ان اكتب مقدمة لديوانه الجديد يا حريمة والذي اشرفت على مراحل طباعته، احترت من اين ابدا والى اين انتهي فحياة السماوي سفر شعري خالد من بدايته التي طرق بها ضمير الشعب رغم الظروف الصعبة والشائكة حيث ترجم تلك المآسي في قصائده.
هل ابدأ من مدرسته الاولية في ذلك المعتقل الرهيب ( نقرة السلمان) ام هجرته لخارج الوطن مفارقا رفاقه ( كنت وزهير الدجيلي نخطو نحو فضاء الحرية؛ التفت لبوابة السجن وقلت للدجيلي مو بيدينه نودع عيون الحبايب…… مو بدينا، والتي غناها الراحل الفنان الرقيق فؤاد سالم .قال زهير هذا مطلع رائع لقصيدة.. وفعلا اتممتها فكانت اغنية ذاع صيتها).
ناظم السماوي لم يتاجر بقلمه ولم يساوم وتحمل مع رفاقه شظف العيش وقساوة الاعتقال. كتب اول اعماله الشعرية : جنوبيات، لكم مني السلام، بس يا مطر، وذاع صيته كافضل كاتب قصائد مغناة لمطربين عراقيين يرددها للان جمهور واسع وكبير. فقد غنى له : فاضل عواد، مائدة نزهت، لميعة توفيق، فؤاد سالم و قدم لحسين نعمة قصيدة يا حريمة الذي اجاد في لحنها الفنان الراحل محمد جواد اموري. وقد اختار السماوي ان تكون هذه القصيدة عنوانا لديوانه الاخير.
فالسماوي الذي انهى دراسته الأولية في سجن نقرة السلمان يقول مفتخرا : نقرة السلمان مدرستي الأولى بل هي جامعة اساتذتها المناضلون : زيد غسان، فاضل ثامر، ، الفريد سمعان، زهير الدجيلي ومظفر النواب الذي حينما رايته اخر مرة قبيل وفاته بصحبة الراحل وزير الثقافة عبد الامير الحمداني في مستشفى بدولة الامارات عام 2019 تبسم وعانقني بحرارة وتكلم عن ايامنا وانشد بعض من قصائدنا رغم صعوبة نطقه حتى تفاجأ الاطباء الذين لم يسمعوا منه سوى الصمت طيلة مكوثه بالمشفى!
في مجموعته هذه والتي تربو على 130 قصيدة سيجد القارئ ترجمة لمشاعر وهموم الوطن واحاسيس ابناءه حيث جمع فيها الحكمة والفضيلة وهي بلا شك تجربة ثرية ودرس من دروسه والتي اراد فيها اعادة ذائقة القارئ بعد ان انحدرت ذائفته من الاسفاف والتردي وكذلك درسا للشعراء الشباب واخيرا لتوثيق تاريخنا المجيد من خلال الشعر الرصين النافع. هكذا يجب ان يكون الادب والفن وثيقة فنية من وثائق الشعوب.