يزداد الحديث هذه الأيام عن تعديلات لقانون مجالس المحافظات وعن نية الحكومة برئاساتها الثلاث لإعادة تلك المجالس الى الوجود بحجة انها حلقة دستورية يجب الالتزام بها بعد ان تم تجميدها لأكثر من سنتين ارتحنا خلالها مما يدور في اروقتها من منافسات ومناكفات وخصوصا محافظات وسط البلاد التي غالبا ما تشهد تنافسا قويا بين الاحزاب للبقاء على رأس الهرم فيها والتحكم بمواردها والسيطرة عليها.
وهناك محاولات حثيثة للعودة إلى نظام الدائرة الانتخابية الواحدة والتي بالتأكيد ستؤدي الى ترسيخ سلطة الاحزاب التقليدية المهيمنة على مقاليد الأمور من 2003 الى اليوم ومن الطبيعي أن تسعى هذه الاحزاب والكتل الى تبويب كل القوانين وتسخيرها لما يخدم غايتها في البقاء في السلطة ومغرياتها ومكاسبها على حساب اي أحزاب او شخصيات أخرى تسعى هي الأخرى لتجربة حظها في حقل تجارب السياسة في العراق وليس بعيدا عنا ما كان يدور في تلك المجالس من معارك صاخبة ومنع جلسات ومنع استجوابات وما الى ذلك من مشاكل لا تعد ولا تحصى مما أدى إلى انشغال اعضائها بمنافساتهم على حساب المصلحة العامة مع استمرارهم بالتمتع بكافة رواتبهم وامتيازاتهم دون الالتفات للشعب ومعاناته ومشاكله واذا عادت فستعود نفس تلك المشاكل وربما اكثر واكبر مما سبق بسبب تلك المنافسات السياسية السلطوية للكتل والاحزاب المتنفذة حيث لاتزال الديمقراطية في العراق فتية وان احزابها لا تزال دون الوعي السياسي الكامل الذي يجعلها تتقبل الخسارة برحابة صدر رغم مرور عقدين من الزمن على تلك الديمقراطية الفتية كما يَحلُ لاصحابها ان يسموها وستتجدد فرص هدر المال اضافة الى المزيد من الرواتب والامتيازات دون فعل يخدم الناس على ارض الواقع .
ومن مفارقات هذه الديمقراطية الفتية التي لا تزال في طور النمو البطيء رغم مرور عقدين من الزمن على انطلاقتها ان تمنح حق تشكيل الاحزاب لمن هم في عمر المراهقة اي خمسة وعشرون سنة ثم تمنعهم من الترشيح لعضوياتها فكيف له ان يتمكن من تشكيل حزب ولا يتمكن من تمثيل مجتمعه مع اني اساسا ضد السماح لتشكيل الاحزاب بهذه الأعمار ولا السماح بترشح اصحابها الى عضوية المجالس النيابية والمحلية بسبب عدم اكتمال بنيتهم الفكرية والنفسية التي تتيح لهم اتخاذ القرار دون التأثر بالضغوطات والميول الحزبية والعشائرية والعائلية حيث تؤكد كل الشرائع السماوية والوضعية على أن اكتمال الشخصية والعقول واتزانها يكون عند بلوغ سن الاربعين سنة كما نصت عليه الاية 15 من سورة الاحقاف والتي تقول بسم الله الرحمن الرحيم (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ? حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ? وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ? حَتَّى? إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى? وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ? إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ).
علما ان المحافظات سارت بطريقة افضل من الفترة التي كانت تلك المجالس موجودة فيها على الاقل من حيث التنافس السياسي والحزبي والفئوي الذي كان سائدا خلال وجودها .
وان كان لابد من إعادتها وإجراء انتخاباتها فإن نظام الدائرة الواحدة ونسب سانت ليغو هو اسوا قرار يتخذه سياسيوا البلد لأنه لن يراعي مصلحة البلد ولا مصلحة أبناءه وإنما هي مصممة لخدمة الاحزاب والكتل الكبيرة وان الافضل هو اعتماد نظام الدوائر المتعددة لضمان تمثيل كل مناطق المحافظة المعنية على أن تؤخذ أعلى الاصوات لتمثيل الناس والمناطق بدون نسب سانت ليغو اللعينة ومشاكلها ومن يكون واثقا من موقفه وبرامجه وثقة الناس به فسيحقق أعلى الاصوات بكل تأكيد دون الحاجة للجوء إلى الشحن الطائفي والعرقي والحزبي والعشائري وبهذا نضمن تمثيل معقول لجميع اهالي ومناطق المحافظة في هذه الحلقة الزائدة اصلا من حلقات الديمقراطية الفتية التي تصر على بقائها في عمر المراهقة الى ابد الابدين .