منذ العام2012 ووفقاً لتقرير حكومي، فقد تم تسجيل 53 حالة قتل للصحفيين في باكستان، وكان48 منهم قد تعرضوا للقتل في السنوات الأربعة الماضية على يد مجهولين وذلك لأن البلاد تنتقل من ازمة لأخرى وبشكل مستمر، وعليه فإن باكستان تعتبر خامس أخطر بلد على الصحفيين في العالم، فبين “حرية التعبير” وتهديد الحياة” تتلخص محنة الصحفيين في باكستان.
حين يتشاجر السياسيون الباكستانيون وتتضاعف الضائقة الاقتصادية وتحل الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات التي حدثت في العام الماضي وزادت من البؤس العام، فمن الطبيعي ان تقوم الوكالات المدنية منها والعسكرية، وحتى الوكالات التي يرعاها الإسلاميون، والمنتشرة في كل مكان بعملها تجاه المصلحة الوطنية، لكن ان يتم التعامل معهم بواسطة الرصاص فهذا يعد امراً بشعاً ومؤشراً واضحاً على عدم قدرة الحكومة من السيطرة على المسلحين.
في الأيام الأخيرة من الشهر الماضي قال وزير الشؤون البرلمانية مرتضى جاويد عباسي لمجلس الشيوخ إن عدداً كبيراً من الصحفيين قتلوا في باكستان في السنوات الأربع الماضية اغلبهم كانوا في فترة جكم رئيس الوزراء عمران خان عندما ادعى خان “الحرية الإعلامية الكاملة” وأيضا بضعة أشهر من حكومة شهباز شريف الحالية.
شهباز شريف أمر بإجراء تحقيق بخصوص حوادث الاغتيال هذه ولكن التحقيق لم يؤدي الى أي نتائج ملموسة، عند إطلاق النار على المذيع التلفزيوني البارز أرشد شريف وسط أزمة سياسية مستعرة أفيد بأن الكاتب كان هارباً من منزله إلى دبي وسقط في كينيا في إطلاق نار “عرضي” وفقاً لادعاء الحكومة الأفريقية.كثيرون هم الضحايا الذين تعرضوا للاغتيال بسبب عملهم في الإعلام الباكستاني وحتى الذين واجهوا الاضطهاد نتيجة ذلك، ولم يقتصر الاغتيال على الصحفيين او الإعلاميين الباكستانيين فحسب، بل شمل الأجانب ايضاً ومنهم الأمريكي دانيال بيرل والذي أيدت أعلى محكمة في البلاد على إدانة قاتليه لكن هيئة أخرى رفضتها وأطلقت سراح المدانين على الرغم من الطعون المقدمة من والديه المسنين، اما من نجى من الموت فكلهم الآن يعيشون في المنفى.
اسباب وفاة
احصائيات وزارة الإعلام الباكستانية فإن 15 صحفياً من اقليم البنجاب، و11 صحفياً من إقليم السند، و13 صحفياً من إقليم خيبر بختونخوا، و3 من إقليم بلوجستان كانت اسباب وفاة كل هؤلاء الصحفيين القتل بالرصاص على يد الإرهابيين.
المشكلة ان العديد من هؤلاء الجناة دون ملاحقة ولم تكن هناك إدانات في 96٪ من الحالات، وتقول الهيئات الإعلامية العالمية إن الصحفيين في باكستان يعانون ويجازفون بحياتهم بسبب ظروف العمل الخطرة في عام 2022، ولهذا السبب أدرج الاتحاد الدولي للصحفيين باكستان كخامس أخطر بلد على الصحفيين في العالم.
وفي عام2021 أبلغت منظمة مراسلون بلا حدود عن انخفاض باكستان بمقدار12 نقطة في مؤشر حرية الصحافة مع منح عمران خان لقب “مفترس الصحافة”.
كانت باكستان واحدة من البلدان الخمسة الرائدة التي نفذت خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب في تشرين الأول من عام2013 وفي وقت لاحق التزمت باكستان بتنفيذ قانون حماية الصحفيين والإعلاميين لعام 2021.
ومع ذلك فإن في تشرين الأول الماضي أظهر تقرير شبكة الحرية السنوي للإفلات من العقاب لعام 2022 الذي صدر في سياق الذكرى السنوية العاشرة لهذه الخطة أنه لم تكن هناك إدانات في 96 في المائة من حالات قتل الصحفيين داخل باكستان في الأعوام العشرة بين 2012 و2022 وفي حالتين فقط أدين الجناة، وكشف التقرير كذلك أن نظام العدالة الجنائية فشل في تحقيق العدالة للصحفيين القتلى وعوائلهم.وفقاً للإحصائيات فان أكثر من نصف الصحفيين لم يبلغوا أصحاب العمل الإعلاميين أو النادي الصحفي أو النقابة أو السلطات المحلية بتلقي التهديدات بالإضافة إلى ذلك أبلغ أقل من 10 بالمئة من الصحفيين الذين تلقوا تهديدات بالقتل قبل قتلهم أرباب عملهم الإعلاميين أو النادي الصحفي أو النقابة أو السلطات المحلية وفي معظم الحالات حتى لو كان هناك تحذير مسبق لم يتمكن النظام وأصحاب المصلحة المعنيين من منع جرائم القتل.خلاصة القول ان الموت يأتي خلسة للصحفيين الباكستانيين، حيث شكل مجهولو الهوية أكبر جهة تهدد عمل الصحفيين في باكستان خلال الفترة من2012 الى 2022.