الكاتب صادق السامرائي

 

كلمة إستعمار تبدو غير صحيحة , والأصوب ان نستعيض عنها بكلمة إستدمار لأننا نقصد بالإستعمار الدمار وليس الإعمار , فمن النادر أن تجد قوة تهيمن على أخرى وتبدأ بالإعمار , وإنما تطلق فيها مسيرة دمار وخراب لا تنتهي , وتؤهل أبناء تلك القوة لتأمين دائرة الدمار الدائبة المفرغة , وهذا يحصل في أية دولة يتم إستعمارها.
فالعديد من الدول مستدمرة , لأن الإستعمار أهَّل فيها من أبنائها مَن يجيدون فعل الدمار أحسن منه.
وهذه اللعبة تواصلت منذ تأسيس دولنا بعد الحرب العالمية الأولى , ولا يزال الإستدمار فاعل فيها.
ومن آياته وبراهينه أن الدول لا تزال تستعمل لغة مستعمريها في التعليم والثقافة , فالذي إستعمرته إنكلترا لا تزال مناهج التعليم الجامعية فيه بالإنكليزية , والذي إستعمرته فرنسا لا يزال يستعمل اللغة الفرنسية وهكذا دواليك.
ولو أن الصين إستعمرت إحدى دولنا لوجدتها تستعمل اللغة الصينية.
وما دامت دولنا تعلم بلغة الذي إستعمرها , فأنها لا تزال تحت وطأة الإستعمار , وغير متحررة ولا تمتلك سيادتها الكاملة بالمعنى الحرفي والعملي للسيادة.
فمعظم دولنا تعتمد على الآخر فيما تحتاجه من لوازم الحياة حتى الطعام والشراب , أما تسليحها فهو أجنبي بالكامل , ولا توجد دولة واحدة قادرة على تصنيع سلاحها بنفسها.
فلماذا نتوهم ونوهم الأجيال بأن دولنا حرة ولديها القدرة على تقرير مصيرها؟
لو كانت حرة وذات قيادات وطنية حقيقية لتعاونت فيما بينها , وبنت قوتها الشاملة المتكاملة , التي تعزها وترفعها في آفاق المجد والسؤدد.
بينما هي متنافرة ومتناحرة وعدوانيتها على بعضها , مما يؤكد أنها دول مستدمرة , وتنفذ أوامر المالكين لمصيرها!!
فهل من معترض؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *