مَادَامَ اَلْحُبُّ جَمِيلاً فَلِمَ يَشْكُوهُ اَلْعَاشِقُونَ ؟
لِمَاذَا يَسْهَرُونَ ؟
لِمَاذَا يَمْرضُونَ ؟
لِمَاذَا يَشْتَاقُونَ ؟
هَلْ اَلْحُبُّ مُؤْلِمٌ ؟
تُبَادَرَ لِذِهْنِي ذَلِكَ اَلسُّؤَالِ مِرَارًا
سَالَتُ اَلْعَشَرَاتِ مِنْ اَلْعَاشِقِينَ تِكراراً
قَرَأَتُ اَلْعَدِيدَ مِنْ قِصَصِ اَلْعِشْقِ
غُصتُ بَعِيدًا فِي شِعْر بنَ اَلْمُلَوِّحَ
وَكَيفَ كانَ مولعاً لحَدٍ لايُوصَف
وَأَخَذَنِي اَلشَّغَفُ إِلَى حُزن جَمِيل بُثَيْنَة
وكَيفَ كانَ يعيشُ صراعاً داخلياً
قَرَأَتُ كَثِيرًا…
سُمِعْتُ كَثِيرًا …
لَمَّ أفْهَمْ مَا سَبَّبَ لَوْعَةَ هَذَا حُزنُ ذاكَ
شَدَّنِي اَلْفُضُولُ أَكْثَرَ
بَحَثتُ فِي نَظَرِيَّاتِ عِلْمِ اَلنَّفْسِ وَجَدَّتِهَا مُعَقَّدَةً
وَلَمْ تُرْشِدْنِي إِلَى مَعْنَىً وَاضِحٍ
فَذَلِكَ اَلشُّعُورُ اَلَّذِي عَاشَهُ اَلْعَاشِقُونَ
لَمْ يَكُنْ مِنْ اَلسَّهْلِ اَلْوُصُولِ إِلَيْهِ أَوْ فَهْمِهِ
مَهْمَا طَالَ اَلشَّرْحُ
وَالْمُطَالَعَةُ
سافرتُ الى حُقبةٍ زمنيةٍ أبعد
غُصتُ فِي عُمْقِ اَلتَّارِيخِ ؟
لِعَلِي أَجِدُ مَا يُرْشِدُنِي إِلَى ذَلِكَ اَلشَّيْءِ
بَحَثتُ فِي قِصَصِ اَلْعِشْقِ اَلْبَابِلِيِّ
وقرأتُ عَن عِشتار
وَدَرَستُ قِصَص اَلْعِشْقِ اَلْآشُورِيِّ
وَجَدتَها نُصُوص لاحياةَ فيها
رُبَّمَا لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ
مَنْ يَدْرِي !
وَ بَعدَ أن دَبَّ اليأسُ في نَفسي
جَمَعتُ كُلَّ مَصَادِرِي وَأَرْجَعْتَها إِلَى رُفُوفِ اَلْمَكْتَبَةِ
وَلَمْلَمْتُ أَفْكَارِي وَطَرَحْتَهَا فِي شَطَّ اَلْحِلَّةِ
فَلَا اَلْحَدِيثُ مِنْهَا نَافِعٌ
وَلَا اَلْقَدِيمِ مِنْهَا مُفِيد
كَيْفَ اَلسَّبِيلُ ؟
عاندتُ يأسي وقُلتُ:
رُبَما وجدتُ ضَالَّتِي فِي أَحَدِى مَقَاهِي اَلْحِلَّةِ
ذَهبتَ هُناكَ
جَلَسْتُ قُرْبَ رَجُلٍ ثَمَانِينِيٍّ
من شدة َفِطْنَتِهِ قَرَأَ اَلسُّؤَال فِي وَجهي
وَكَأَنَّ عَيْنَيَّ قَصَّتَا عَلَيْهِ حَيْرَتِي
سالتَهُ:
مَا اَلْحُبُّ أَيُّهَا اَلرَّجُلُ اَلْحَكِيمُ ؟
تَبَسَّمَ …
وَارْتَسَمَتْ بِعَيْنَيْهِ إِجَابَةً أَغْنَتْنِي عَنْ كُلِّ مَا قَرَأَت
وَكُلِّ مَا سَمِعْت
وَكُلَّ مَا أَخَذَنِي إِلَى عَالَمِ اَلْحَيْرَةِ
اَلْحُبُّ يَا وَلَدِي لَاتَصِفهُ مُجَلَّدَاتٍ
وَلَا تَشْرَحهُ رِوَايَاتٌ
وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُحِسَّهُ بِالْكَلِمَاتِ
ولَاتَحَدَهْ اَلتَّوْقِيتَاتِ
ياولدي بِكُلِّ اِخْتِصَارٍ …
اَلْحُبُّ هو أَنْ يَنْبِضَ قَلْبُكَ بِصَدْرِ آخَرَ