في سنوات خلت ومن خلال مراحل العمل الإعلامي والرياضي مررت بمحطات متنوعة مختلفة الاتجاهات مع من تولوا مناصب خدمة عامة او وظيفية تخص الرياضة والشباب تحديدا .. اكثرهم كانوا في البدايات يتحدث عن أهمية الاعلام ودوره حتى نشعر بالغبطة ونتامل خيرا .. على أساس ان المسؤول الجديد يعي – فعلا – فلسفة الاعلام ويسعى لتصحيح مسارها على صعيد الممارسة الإعلامية بعيدا عن المفهوم الضيق السائد .. باعتبار الاعلام ملف قيادي صانع للحدث وشريك أساسي للتخطيط والتنفيذ لمستقبل المؤسسة ونجاحها وديمومتها .
وقد عايشت تجارب مع شخصيات محترمة بنوايا صادقة وحس وطني للمضي قدما بذلك في بداية عملهم .. لكن بعد فترة قصيرة وما ان يعتقد – المسؤول – انه تعرف على أسماء بعض الشخصيات الرياضية والإعلامية في الداخل والخارج … حتى يبدا يخفت عنده ذلك النزق الثوري الإعلامي الذي صرح به وتمناه ورفعه سابقا .. معتقدا انه ادرك كل اسرار ملف الاعلام بمجرد اطلاعه شفهيا على تلك الأسماء لا سيما اذا ما وقع تحت طائلة مستحوذ – او حوت لساني كبير – ينسيه كل شيء ويزين له أشياء أخرى … لا يظهر نقصها ولا يحس به الا بعد فوات المشوار وانتهاء مدة وظيفته ليركن جنبا على جنب مع بقية الملفات الفاشلة التي تزدحم بها رفوف الأرشيف .
التقيت مرة بأحد المسؤولين بمعية شخص كلف بتحرير محاور اللقاء بيننا الذي توقعت ان يحوله الى منهج عمل يرتقي الى تلك الثورية والافكار التقديمة التي تحدث بها عن الاعلام واهميته .. المفاجئة كانت مدوية حينما نشر الخبر بضعف وهشاشة عجيبة غريبة تدل على حال الاعلام الوظيفي ..
سالته عن المحرر .. فقال : ( انه من المكتب الإعلامي ) : فقلت وهل لديكم مكتب اعلامي .. وهل تعون معنى المفردة ومن يشغلها وما هي واجبته والامال المعقودة عليه .. فضحك المسؤول .. قائلا : ( اكيد لدينا ما ذهبت اليه .. ثم اخذ يعدد الموظفين ويوزع وينوع ادوارهم وواجباتهم ) ..
ضحكت حد البكاء .. من شر بلية المعرفة وادعاء المعرفة .. فقلت له يا سيادة المسؤول : ( سيبقى ملف الاعلام ميت ومجرد حبر على ورق ما دام المسؤول لا يفرق بين المكتب الإعلامي وموظف الاعلام .. فالموظف شخص يؤدي واجباته التقليدية منتظرا راتبه الشهري يقضي أيامه بانتظار علاوة ومكافئة وترقية .. على امل التقاعد الوظيفي الذي يعد هدف رئيسي للغالبية العظمى من موظفي الدول العربية … اما واجباته التقليدية : فلا تخرج عن تصوير ونشر اخبار الرئيس والأشخاص المتنفذين وإبراز فعالياتهم ونشاطاتهم بأسلوب خبري عادي فاقد للهدفية المؤسساتية … فضلا عن كون أي مدون ( فيس بوكي) سيكون قادر على تادية ذات الدور ..
اما المكتب الإعلامي فمختلف كليا وجوهريا شكلا ومضمونا : فهو ذلك المكتب الاستشاري الإعلامي الذي يضم مفكري الاعلام المتخصصين بمختلف مناح وملفات الحياة العصرية ويكون شريك أساسي برسم سياسات المؤسسة ويعد اهم أدوات تنفيذها ببعدها الاستراتيجي .. وان اغلب عمل المكتب الإعلامي وفقا لهذه الرؤية يجب ان يكون سريا بعيدا عن تناول الاعلام او ادعياء الاعلام و بقية أعضاء المؤسسة وموظفيها التقليديون ..