لم‭ ‬يجل‭ ‬في‭ ‬خاطر‭ ‬العالم‭ ‬ان‭ ‬ثلاث‭ ‬احداث‭ ‬ستغير‭ ‬مجرى‭ ‬التاريخ‭ ‬وكان‭ ‬اولها‭ ‬نظرية‭ ‬كوبرنيكوس‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬مركزية‭ ‬الشمس،‭ ‬وانتهاء‭ ‬مفهوم‭ ‬مركزية‭ ‬الارض‭ ‬كونيا،‭ ‬تلك‭ ‬النظرية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬غربة‭ ‬العالم‭ ‬الايجابية‭ ‬تزداد‭ ‬شراسة‭ ‬وتطلعا‭ ‬الى‭ ‬فهم‭ ‬الوجود‭ ‬بمنظور‭ ‬المطلق‭ ‬والسحيق،‭ ‬وليس‭ ‬بمبدأ‭ ‬الصغير‭ ‬والمتناهي‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬الحدث‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬ورود‭ ‬نظرية‭ ‬دارين‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬والارتقاء،‭ ‬حيث‭ ‬مبدأ‭ ‬الانتخاب‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬الخلايا‭ ‬الحيوية‭ ‬،‭ ‬والذي‭ ‬قلب‭ ‬مفاهيم‭ ‬الوجود‭ ‬ايضا‭ ‬،‭ ‬وجعل‭ ‬من‭ ‬همم‭ ‬وجهود‭ ‬علماء‭ ‬البايلوجيا‭ ‬مسرحا‭ ‬لحياة‭ ‬جديدة‭ ‬تتقصى‭ ‬ابعاد‭ ‬الخلايا‭ ‬ومكامن‭ ‬الاسرار‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬الانسان‭ ‬الهش‭ ‬المتواضع‭ ‬،‭ ‬كانت‭ ‬نظرية‭ ‬الانتخاب‭ ‬الطبيعي‭ ‬لداروين‭ ‬بمثابة‭ ‬الاطلالة‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬الانسان‭ ‬البايولوجي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تطور‭ ‬علم‭ ‬الوراثة‭ ‬والهندسة‭ ‬الحيوية‭ ‬لاكتشاف‭ ‬الخرائط‭ ‬الجينية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الانسان‭ ‬الى‭ ‬خلية‭ ‬مرنة‭ ‬قابلة‭ ‬لتجديد‭ ‬التشكيل‭ ‬وتنمية‭ ‬الادراك‭ ‬الاعلى‭ ‬في‭ ‬الدماغ‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الانسان‭ ‬الخارق‭ ‬السوبر‭-‬ميچر‭. ‬ومع‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬صحى‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬اصداء‭ ‬ولادة‭ ‬نظرية‭ ‬الوعي‭ ‬الباطن‭ ‬لطبيب‭ ‬الاعصاب‭ ‬وعالم‭ ‬النفس‭ ‬النمساوي‭ ‬سيغموند‭ ‬فرويد‭ ‬والذي‭ ‬فر‭ ‬هاربا‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬الى‭ ‬لندن‭ ‬ومنها‭ ‬الى‭ ‬اميركا‭ ‬ليلتقي‭ ‬اليهودي‭ ‬الاخر‭ ‬البرت‭ ‬اينشتاين‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الهم‭ ‬سام‭ . ‬كانت‭ ‬جهود‭ ‬فرويد‭ ‬تنصب‭ ‬في‭ ‬ايجاد‭ ‬مبررات‭ ‬للسلوك‭ ‬الانساني‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬استنباط‭ ‬وتخمين‭ ‬السلوك‭ ‬المستقبلي‭ ‬للافراد‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬نظريات‭ ‬في‭ ‬تتعلق‭ ‬بالسلوك‭ ‬الانساني‭ ‬،‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬نظريته‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي‭ ‬ربما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالوعي‭ ‬الباطن‭ ‬كانت‭ ‬مفتاحا‭ ‬لتحليل‭ ‬دموية‭ ‬التاريخ‭ ‬وارهاصات‭ ‬المشاعر‭ ‬الانسانية‭ ‬وطوباوية‭ ‬النهج‭ ‬الفردي‭ ‬الذي‭ ‬انتج‭ ‬لنا‭ ‬طغاة‭ ‬وقتلة‭ ‬ومجرمين‭ ‬،‭ ‬مثلما‭ ‬اهدانا‭ ‬حكماء‭ ‬وادباء‭ ‬وفلاسفة‭ ‬وبناة‭ ‬حضارات‭ . ‬سلطة‭ ‬الضمير‭ ‬الانساني‭ ‬عبر‭ ‬الابتكار‭ ‬الانساني‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تتفاعل‭ ‬وتتماهى‭ ‬مع‭ ‬النسغ‭ ‬التاريخي‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬السلطة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬وترافق‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭ ‬وتشاركهم‭ ‬احلامهم‭ ‬ومخططاتهم‭ ‬،‭ ‬سلطة‭ ‬الضمير‭ ‬التي‭ ‬غابت‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬الفلكي‭ ‬الايطالي‭ ‬غاليليو‭ ‬،‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬حضرت‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬سقراط‭ ‬،‭ ‬والتي‭ ‬تغيب‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬محاكمة‭ ‬قتلة‭ ‬الشعوب‭ ‬واعداء‭ ‬الانسانية‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬متجهمة‭ ‬الروح‭ ‬وفي‭ ‬واقع‭ ‬مادي‭ ‬يتبرأ‭ ‬فيه‭ ‬الاخ‭ ‬من‭ ‬اخيه‭ ‬وتتنكر‭ ‬فيه‭ ‬الام‭ ‬لابنائها‭ ‬،‭ ‬ويقتل‭ ‬الجند‭ ‬في‭ ‬اوطانهم‭ ‬طعنا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخونة‭ ‬،‭ ‬ويغدو‭ ‬المجرمون‭ ‬قادة‭ ‬ورموزا‭ ‬للحرية‭ ‬والشرف‭ ‬وصناعة‭ ‬الامجاد‭. ‬سلطة‭ ‬الضمير‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬كوبرنيكوس‭ ‬وداروين‭ ‬وفرويد‭ ‬رقباء‭ ‬على‭ ‬رهافة‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬تغيب‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬وجثث‭ ‬الاطفال‭ ‬التي‭ ‬تمزقها‭ ‬الحروب‭ ‬و‭ ‬تطحنها‭ ‬قواسم‭ ‬الجوع‭ ‬والمؤامرات‭ . ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬سلطة‭ ‬الضمير‭ ‬المطلقة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخشى‭ ‬غيوم‭ ‬القتلة‭ ‬ولا‭ ‬تنتصر‭ ‬الا‭ ‬لابطال‭ ‬الحقول‭ ‬والمعامل‭ ‬وارباب‭ ‬الادب‭ ‬والفن‭ ‬والموسيقى‭ ‬ومشيدي‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬ومشافي‭ ‬استدراك‭ ‬الالم‭ ‬الانساني‭ ‬،‭ ‬وكما‭ ‬قالها‭ ‬محمد‭ ‬مهدي‭ ‬الجواهري‭ : ‬

اتعلم‭ ‬ام‭ ‬انت‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬

بان‭ ‬جراح‭ ‬الضحايا‭ ‬فم‭ ‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *