الكاتب ادهم الشبيب

 

 

في كل بلد حتى المتقدمة منها هناك من يعمل في تجارة (المستعمل والعتيگ) ، وهي مهنة شريفة ومن حق مزاولها ان يفخر بلقمته الحلال التي اغناه الله بها عن الحرام .
وهذه المهنة تعتمد على استبدال او شراء مجموعة من المقتنيات او المواد او الاثاث القديم المستهلك من قبل شخص دوار على قدميه او بواسطة عربة خاصة لينادي بصوته المجرد عاليا او عبر مكبر صوت بسيط على الاهالي النائمين احيانا في ظهيرة الصيف او المسبتين في برد الشتاء ، فيخرج اليه من يريد ان يتخلص من (كراكيب البيت) المتراكمة من الرجال الميسورين او من الجأها الدهر ممن لامعيل لها الى ان تبيع العتيق من الاشياء باثمان زهيدة لتطعم اطفالها. وفي كلا الحالتين فان (العتاگ) يقدم خدمة جيدة لهؤلاء ولقمة حلال لنفسه وعياله.
هذا الامر بتوصيفه تراه في كل بلد كما قدمنا ،صغر ام كبر ، تقدم ام تخلف ، غني ام فقر ،،
لكن الذي اختلف عندنا في العراق ان هؤلاء النفر المكافح (الذين لامؤهل لهم) من دراسة او علم او خلفية ثقافية او ماشابه ، اختصوا اليوم (وبقدرة النظام الديموقراطي الحديث المعلب) في تقلد المناصب الدبلوماسية حصرا ، وهذا ما لم يقره نظام او يقبله عقل او تجربه امة حتى في مجاهل افريقيا وغاباتها.
الان وفي اي سفارة عراقية في الخارج (وبعد دراسة ميدانية لطالبة ماجستير ) في تخصص العلوم السياسية في جامعة محترمة ، تبين ان (فئة العتاگة) هذه هي التي تشغل 80% من كوادر السفارات والممثليات الدبلوماسية والقنصليات العراقية المنتشرة عبر العالم ، وبالاخص السفارات في الدول المهمة والمتقدمة كامريكا وبريطانيا وتركيا ودول غرب اوربا وشرق آسيا.
الى جانب المعضلة الكبيرة التي خلقها جو التبعية السياسية المنحطة التي يمثلها رئيس الجمهورية الكردي ورئيس الوزراء الشيعي وممثل البرلمان السني ، وهي معضلة تفاهة وانحطاط قيمة الجواز العراقي والذي يجر اهانة حامله في المعابر الحدودية والمطارات الاجنبية والذي سجلته التقارير الدولية كأسوا جواز في العالم ، فهناك معضلة تصدر (العتاگة) للمشهد في السفارات والقنصليات .
ما ادى الى ارباك وتاخر مصالح المواطنين من طلبة في الخارج وتجار ورجال اعمال وسائحين ايضا، فالشاب او الرجل ذو خلفية (عتاگ) الذي يدير الان قسما مهما في سفارات البلد غير مؤهل وغير مناسب لتلك المهمة ، كذلك منهم من يحمل عقد نفسية دونية قديمة اخذ يعكسها على تعامله مع المواطن المغترب ، كذلك فقدان التوازن حيث اثرت ذكرى دورانه على اقدامه بين الاحياء وفي الازقة صيفا من اجل لقمة العيش الحلال على نفسيته الان وقد وجد نفسه متحكما بمصير سفارة دولة كاملة وشؤون الناس ، فالامر ليس هينا ويؤدي حتما الى انعكاسات نفسية كبيرة عندما يجد نفسه وهو المعدم من التاهيل العلمي يتحكم بمصير اساتذة ومهندسين ورجال اعمال واغنياء وما الى ذلك.
فلا لوم عليه ولكن اللوم على المحسوبية المستشرية بين المسؤولين الذين تقلدوا امر بلد كبير كالعراق بعد عام 2003 الى اليوم فجاؤا بابنائهم واقربائهم من تلك الفئة حصرا وزجوا بهم الى مباني السفارات.
ودعم ايران وامريكا ايضا يديم ويشجع سيطرة العتاكة على الخارجية والدبلوماسية العراقية ليبقى بلدا مضحكا ودولة فاشلة تشبه دول الموز وقبائل الزولو البدائية مع ثروة نفطية هائلة وموقع جغرافي ستراتيجي .
والى الله المشتكى مرة اخرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *