أنشأت دول الشرق الاوسط بإرادة المحتل الغربي “بريطانيا وفرنسا”، بعد الحرب العالمية الاولى، على مخلفات الدولة العثمانية الخاسرة. وكانت تحالفات هذه الدول مع المستعمر وثيقة، بحكم مركز القوى الهائل الضاغط على تلك الدول، وهذه الدول كانت في مرحلة التأسيس، وبناء قدراتها الأقتصادية، وتثبيت أوضاعهاالسياسية، وقد أستمر هذا الأمر لفترة ليست بالقصيرة. الى أن جرى تحول آخر بحكم تغيير ميزان القوى بعد الحرب العالمية الثانية بإنتصار الحلفاء، والقوة الهائلة التي أفرزتها نتائج الحرب هي الولايات المتحدة الأمريكية، وأنا من تلقف هذا المتغير هي المملكة العربية السعودية. فقد تلقفت هذه الاشارة مبكرًا ، فكان أن حققت لقاءاً جمع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بالرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في البحيرات المرة بقناة السويس، ذلك اللقاء التاريخي الذي عُرف بقمة أو لقاء كوينسى نسبةً إلى البارجة «يو إس إس كوينسي» التي عُقد على متنها اللقاء، والذي عليه ترسخت العلاقات السعودية – الأميركية لتلك المرحلة والتي إمتدت آثارها حتى الزمن الحالي، ليس على المملكة، فحسب، بل على مجمل دول الشرق الاوسط، على وجه العموم .

الآن؛ وبعد ما أفرزته الحرب الروسية – الأوكرانية، وهي، في حقيقة الأمر، حرب كونية جديدة، بطرف واضح المعالم، هو دول تحالف الناتو، الولايات المتحدة وأوربا، وآخر يتبلور، هو محور روسيا الاتحادية، وروسيا البيضاء، مع الصين وكوريا الشمالية، المتحفظتين، والمتحفزتين عن قرب. هذه الحرب أفرزت بوضوح بروز محور جديد، وقوة إقتصادية ناهضة، تسابق الزمن، لتثبيت وجودها كقوة منافسة للقوة الإقتصادية التقليدية الهرمة. ما يعني هنا، ليس التطرق الى هذه القوة الجديدة، وإنما، الى تلقف المملكة العربية السعودية الإشارة، كما تلقفتها بعد الحرب العالمية الثانية، وتحركها المبكر نحو القوى الناشئة، الولايات المتحدة الناهضة بقوة بعد الحرب العالمية الثانية. في تصريح متلفز؛ منشور بشكل واسع، على صفحات التواصل الإجتماعي، للرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، يعيب على الإدارة الديمقراطية، تقاعسها، وضعفها، اللذين أعطيا الفرصة للصين، أن تلعب الدور الضامن للإتفاق السعودي الإيراني، الذي وقع تحت رعايتها، وعلى أرضها، في حين كان على الولايات المتحدة أن تكون هي الدولة الضامنة لهذا الإتفاق، بدلا من الصين .

أن المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ما كان لهما أن يتفقا، هذا الإتفاق التأريخي، برعاية دولة تعد الآن على طرف نقيض من القوة الاقتصادية التقليدية، وتسعى بخطى واثقة، نحو بناء قوة أقتصادية آسيوية جديدة، تتبلور معالمها، بمحور الصين -روسيا -الهند، مضاف اليها، بعد حين، قوة المملكة العربية السعودية وإيران؛ التي قد تكون فهمت الدرس جيدًا، بأن عرقلة هذا التوجه، بإلهاء السعودية، لن يَصْب بصالحها، لا في الوقت الحالي، وهي تعاني من ضغوط إقتصادية، وإختناق سياسي، هائلين، ولا في المستقبل؛ اذا ما أرادت لها، ولشعوبها، حياة مستقرة، ومرفهة، في ظل نظام يتعايش مع تطلعات شعوب ودول المنطقة. وما كان للسعودية أن تدير بوصلتها نحو الشرق، لولا وضوح الرؤية؛ بأن العصر الجديد، هو عصر أسيوي بإمتياز، يجب التهيئة الية، وإستقباله، مبكرًا. وإن ركوب هذا القطار، من أول محطة، أفضل بكثير، لتكون المملكة، من صانعيه،

وليس الإنتظار، لتجد نفسها، ومعها كثير من دول المنطقة، إنهم كانوا، متأخرين عن الركب.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *