يعود السبب الأول لثقافة الشخص إلى الخزين الكبير من المفردات التي تكتنزها بودقة فكره حيث تتجمع جحافل هذا الخزين نتيجة القراءة المتواصلة للأحداث والمتغيرات والأبحاث العلمية والتاريخية والسياسية والاقتصادية والأدبية الخ …… أن التفكير يتم عن طريق كم المفردات والكلمات المودعـــة في فكر صاحبها فكلما ارتفع منسوبها زادت نسبة ثقافته والعكس بالعكس .. وهناك حقيقة يجب أن يعلمها المثقفون على اختلاف طبقاتهم وهي أن القدرة على الكتابة ذات الحبكة المنتظمة والتعبير السليم تأتي من خلال التمرين المتواصل فهناك عضو فكري في دماغ الإنسان ينمو عند المداومة على الكتابة وينتج عنها صقل الأسلوب وحبكته كلما توغل نحو مدياته ويأتي هذا من خلال الكتابة المتنوعة والتوسع في الوصف والتعبير حاله حال أي عضلة تنمو بالتمارين الرياضية وقد فشل أكثر المثقفين في التأليف لركاكة أسلوبهم وضعف تعبيرهم فهم يتصورون ان قرائتهم للكتب والبحوث واطلاعهم على المصادر وحده كافٍ لارتقائهم سُلّم هذا المعترك المعقد المسمى بالتأليف وهذا خطأ فادح يقع فيه الكثير وخاصة المغرورين منهم … كنت محرر للصفحة الثقافية لأحدى الصحف المحلية قبل عدة سنوات وخصصت عمود للمقالات التي استقبلها من بعض الأصدقاء وقد طلبت من احد الذين يقرأون كثيراً من المتمكنين في فنون الحديث ولديه وصف حكواتي للأحداث بطريقة فريدة تشد انتباه المستمعين ورحت انتظر مقالته الخارقة بلهفة وشغف لكي ارفع من خلالها قيمة صفحتي الثقافية حتى جائني بمقالته متاخراً جداً وقد تفاجئت عندما وجدتها مقالة رديئة ذات أسلوب ضعيف لا تصلح للنشر ابداً ولا تتوافق مع ما يحمله من تمكين ثقافي في الحديث والمنطق فقد اتضح إن هذه أول مقالة يكتبها بقلمه ولم يمارس أي نوع من أنواع الكتابة في حياته ، إن جميع المؤلفين الكبار كانوا مبتدئين بكتاباتهم عند انطلاقهم للمرة الأولى والكثير من هولاء صاروا يضحكون على كتاباتهم الأولى عندما يتطلعوا عليها الآن لرداءة أسلوبها وضعف تعبيرها فالفكر المختص بالتأليف المنضبط ينمو بالتمرين الدائم والممارسة السليمة بعد أن يستمد قوته من القراءة المتواصلة ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *