مهما كان مستوى العلاقة مع أمريكا .. طيبة .. ستراتيجية .. أو طبيعية.. أو سيئة .. أو باي وصف ، لكن الجميع يعترف أنها إحتلت العراق ودمرته وأرجعته قرونا الى الوراء ، فهي مسؤولة عن كل ما حل به ، خاصة بعد أن تأكدت بنفسها من خطأ مبررات الحرب عليه .

ومهما كات تسمية فعلها قانونا ( سقوط ) أو ( تغيير ) أو ( احتلال مباشر ) أو ( غزو ) أو ( اجتياح ) ، أو سمه ما شئت وحتى ( تحرير ) على رأي من يرى ذلك في مخالفة صريحة حتى مع المحتل بوش الابن نفسه في طلبه من الامم المتحدة أن تعده أحتلالا ..

هو احتلال ولن يسمى بغير ذلك .. وعلى المحتل ان يتحمل نتائج احتلاله ..

وليس نبوءة عراف ولا قراءة فنجان عندما يقول قائل أن السقوط الامريكي قد بدأ باحتلال العراق وافغانستان ، مثلما كان غزو افغانستان المسمار الاخيرفي نعش الاتحاد السوفيتي وإن تأخر كثيرا أو قليلا فهو واقع لا محال…

ويرى مراقبون بما فيهم أمريكيون أن الاحتلال نتيجة مباشرة لمرض اصيبت به امريكا هو( القوة غير المبصرة ) .. ولهذ ا المرض متلازمات أثرت ليس على سمعتها الدولية فقط وانما على قوتها أيضا .. فهي بالكاد خرجت من (متلازمة فيتنام ) مكسورة حتى وقعت في متلازمة اخرى في حربها على العراق.. وستتوالى المتلازمات عليها ما دام هذا المرض قائما لديها ..

ومن خلال المقارنة مع توقعات دعاة حرب العراق ظهر تأثيرهذه المتلازمة واضحا على السياسة الامريكية خلال السنوات الماضية حيث كانت النتائج هزيلة لدرجة ان التدخل العسكري اعتبر فشلا ذريعا اعاد الى الاذهان ما وقع في فيتنام خاصة مع الهزيمة الكاملة في افغانستان على حد ما ذهبت اليه مجلة ( فورين افيرز ) الامريكية .. وبالتالي لم يعد سهلا على أمريكا شن عمليات عسكرية على أرض أجنبية .

وكانت متلازمة حرب العراق أكثر حدة لدى النخبة منها لدى الجمهورالذي هو الاخر ظهر بانه لن يتسامح الا مع نزاعات قصيرة الامد وقليلة الخسائرعلى حد ما ذهبت اليه المجلة .. وهذا ما لا ينسجم مع خسائر حرب العراق الكبيرة على المستويين البشري والمادي والسمعة الدولية لانها كانت كبيرة في البشر والمادة والحالة المعنوية ..

لذلك فان احتلال بغداد لا يعد نصرا لامريكا ولا هو سقوط لبغداد كما يحلو للبعض هذه التسمية الثقيلة بل سقوط لامريكا وبداية انحدارها نحو قاع الهزيمة لانها ضربت حاضرة الدنيا والتاريخ ، ومدينة العلم والعلماء والادب والثقافة ، فوقعت في مآزق كبير، دفعت ثمنه غاليا ، في سمعتها الدولية ، وخسائرها الكبيرة ، كما انها أسست بإحتلال العراق لسابقة خطيرة في التاريخ ، بعودة شريعة الغاب ، والقوة الغاشمة ، غير المبصرة وهي متلازمة ستفضي بها الى العمى حتما ، وستجعلها تفكر مليا قبل أن تقدم على خطوة مماثلة ، بسبب الخسائر الاستراتيجية التي منيت بها في هذا الاحتلال ، وقد أثبتت الاحداث اللاحقة ذلك .. في ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا على سبيل المثال ، دون رد فعل امريكي بمستوى هذه الخطوة الاستراتيجية المتقدمة التي مهدت للحرب الاوكرانية الروسية المستمرة منذ اكثر من سنة واكتفت بفرض الحصار ..

وبعد عشرين سنة تأكد الجميع صدق من قال أن تهديد امريكا في حالة ضرب العراق بعودته الى القرون الوسطى لا يعنى تدمير مستلزمات الحياة الاساسية البسيطة من ماء وكهرباء وطرق وجسور ومبان ومعالم شاخصة ولا يعني نشر الامية من جديد ولا في تأخرالصناعة والزراعة وليس تدمير ونهب كل ما لايزال ( حيا ) من الآف السنين الى اليوم ، من الآثار الحضارية والمعالم التراثية ، والسياحة .. ولا يعني تسوية كل ما هو شاخص على الارض من معالم حضارية ومدنية ولا في هذا او ذاك من الفعل التدميري ..لان كل تلك الشواهد ، يمكن إعادتها بزمن استثنائي إذا توفرت الارادة الوطنية ، والسياسية الرشيدة التي تستنفر همم الشعب ، وتتقدم الصفوف في الاعمار ، وانما يعني تدمير قيم المجتمع ومنظوماته الاخلاقية ، وهي ركن أساس في مقومات حضارته ونهوضه ، واسقاط هيبة القانون في الاعتداء على المال العام ، وتغييب مفهوم المواطنة ، الجامع لكل المكونات ، وتحل بدله المحاصصة..

وتلك هي باختصار من نتائج الفوضى الخلاقة التي بشرت بها الولايات المتحدة …وهي مسؤولة قانونيا ، واخلاقيا ، عما حصل في العراق .. لكن الشعب العراقي فاجأها بتمسكه بوحدته وبهويته الوطنية وتعزيزها بممارسات على كل المستويات وفي جميع مرافق الحياة فافشل ذلك المسعى العدواني الشرير .

أن تعويض العراق عن كل ما خسره حق لن يسقط بتقادم الزمن .. وما يلفت الانتباه ان مجلس النواب او أي جهة أخرى لم تحص هذه الخسائر لكي تكون وثيقة تاريخية للاجيال والتاريخ وفي متناول العالم ..

ولذلك ..

يبقى الطلب قائما ومشروعا مهما كان مستوى العلاقة مع امريكا بجمع وتوثيق الشهادات والصور والوثائق من قبل لجنة من البرلمان او غيره من الجهات المعنية تتضمن خسائر العراق المادية بالمباني والمؤسسات ، والضحايا البشرية ، من الشهداء والجرحى والمعاقين والمشردين والمهجرين في الدول الاخرى وداخل البلاد ، وتعويض العراق عما فاته من فرص ثمينة في التطوير والنهوض العلمي والثقافي وفي كافة المجالات .. وهو مطلب شرعي وقانوني لان امريكا اعترفت بخطأ مبررات شن الحرب التي اسمتها احتلالا ولا بد أن تدفع ثمن جرائم الابادة التي ارتكبتها بحق الشعب العراقي بكل صفحات الاحتلال بما في ذلك داعش والارهاب بكل مسمياته لانه نتيجة لاحتلالها باعتراف امريكيين اضافة الى تأخر فرص بناء العراق لسنوات طويلة ..

فهل من مجيب لهذه الدعوة ؟

ارجو وادعو .. –

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *