قبل أيام قطعت المسافة من شارع حيفا والشواكة في جهة الكرخ الى شارع الرشيد والمتنبي في جهة الرصافة..في المشي صحة للبدن وفوائد للنظر ارتقيت جسر الشهداء ثاني جسر تم افتتاحه في بغداد هو واحد من 13 جسرا امتطت النهر الخالد دجلة..

كانت السحب تركض في السماء والرياح القادمة من مشارق الأرض تعطرها الرطوبة وتمضي لتوثيق علاقتها بطيور النوارس البيضاء التي تنحدر بشدة نحو مياه دجلة وترتفع فجأة الى اعالي الجسر لتلتهم ما تجود به الايادي المبسوطة المستندة على الساتر الحديدي للجسر والمثبتة اقدامها على ممر للمشاة بعرض 3امتار يلازم جسر الشهداء على امتداد طوله 219 مترا من بقايا الطعام وفتات الموائد ..منظر اشتباك النوارس مع بعضها يدفع لصور الماضي البعيد للتتحرك من قاع الذاكرة مذكرة بشهداء معاهدة بورت سموث التي رفضتها الجماهير بعد ما وقعها رئيس الوزارء في العهد الملكي صالح جبر عام 1948في الميناء البريطاني ليتساقط بعض شباب الانتفاضة شهداء على ظهر الجسر .. بينهم جعفر شقيق شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري الذي رثاه بقصيدة اشنفت اسماع الحاضرين بجامع الحيدر خانة في 14شباط 1948 بعنوان (اخي جعفر)

أتعلم ان جراح الشهيد

تضل عن الثأر تستفهم

أتعلم ان جراح الشهيد

من الجوع تهضم ما تلهم

حبست نشاط الذكريات حين التقطت بانظاري الجوالة –في مياه دجلة المتموجة الفاقدة لزرقتها والمكتسية بلون رمادي شفاف نسجته مياه المجاري المتدفقة من الكاظمية ومدينة الطب وقرب المدرسة المستنصرية التراثية التي تفصلني عنها عشرات الامتار– هياكل جاثمة لسفن حديدية غمرت حواشيها المياه يعود بعضها للحرب العالمية الأولى يحوم حولها بلام جرح الماء بسرعة البلم ..انعطفت بموقفي يمينا اثر اصوات لاكون شاهدا على مجاميع شبابية وكهول تتلاعب اصابعها بالجهاز النقال لالتقاط السلفي مع دلع النوارس ..اخذت اجر خطواتي على ممر مشاة الجسر محاذرا من تعثرها بمواد استهلاكية طرحها باعة الماشي على طريق الراجلة وفي فمي دعوة لمعالجة المياه المتدفقة من الفواهات الحديدية بمادة مضادة للكوليرا وتتحول قاعات السفن الراسية الى كازينوهات وكوفيات تشع البهجة وتتدخل السرور لمن ينظر للمياه الماشية من اعلى الجسور .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *