– الصدق: هو نقيض الكذب.. وذلك بالإخبار عن الأمر.. والشيء.. ووصفه على ما هو به
– على ما هو به دون تغير أو تبديل.. كما يعدّ أفضل الصفات الحميدة التي يمكن التحلّي بها.
أنواع الصدق
1- صدق الأقوال
– يتحقق الصدق في القول بأن يعمد الشخص الصادق إلى مجانبة الباطل من الكلام.. كالكذب.. والشتم.. والسباب.. واللعن.. والفحش.. ومجانبة آفات اللسان.. كالغيبة.. والنميمة.. وقول زور
– فإن كان الصادق ممّن يحرص على الدعوة إلى الله تعالى.. واتخذ ذلك منهجاً وطريقاً فإنّ دعوته للناس لا تكون إلّا على بصيرة.. وفهم.. وتفقه.. ومعرفة بالحقّ.. والإخبار بالصادق من القصص والأمثال.. والالتزام بالقرآن الكريم.. والسنة النّبويّة.. والابتعاد عن كل ما فيه خداع وتدليس
2- صدق العمل
– يتحقق الصدق في العمل بأن يعمد الصادق إلى أن يجعل أعماله مطابقة للأقوال.. والحق الذي يحرص على الدعوة إليه
– وأن يكون خير مثال يحتذي به في كل ما يدعو إليه.. وألا يكون من الذين يقولون ما لا يفعلون.. أو يفعلون بخلاف ما يقولون
3- صدق النية
– يتحقق الصدق في النية.. بأن يعمد الصادق إلى إخلاص النية لله -تعالى- في سائر العبادات والطاعات وفي الدعوة إليه – سبحانه-
– وتصفية قلبه من طلب الجاه والمحمدة والوجاهة.. التي إن اخترق شيء منها قلبه لكان ذلك سبب في انتفاء الإخلاص المشروط لقبول عمله
– يعدُّ الصدق في الدين الإسلامي من الأخلاق الحسنة المحمودة.
– التي دعا إليها.. بل يعدّ أفضل الصفات على الإطلاق.
– ويمكن للإنسان التّحلّي بالصدق.. لكونه إحدى الدعائم والركائز التي تُساهم في استقامة حياة الفرد.. وصلاح العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
– أمّا إن حقق المسلم الصدق في نيته وقصده يكون ذلك سبباً في أن يورثه الله – تعالى – العزيمة الصادقة.. والإرادة القوية التي تمكّنه من متابعة طريقه في الدعوة إلى الله – تعالى-
– الصادق أفضل الناس.. وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عمرو – قال: (قيل لرسولِ اللهِ ﷺ أيُّ الناسِ أفضلُ قال كلُّ مخمومِ القلبِ صدوقِ اللسانِ).
– الصدق.. سبب في نيل محبة الله – تعالى- ومحبة رسوله ﷺ.. وقد دلّ على ذلك قول رسول الله ﷺ: (إن أحببتمْ أن يُحبّكُّمُ اللهَ – تعالى- ورسُولُه فأدُّوا إذا ائتُمِنْتُمْ.. واصدُقُوا إذا حَدَّثْتُمْ).
– الصدق.. سبب في نيل البركة في الرزق.. وقد دلّ على ذلك قول رسول الله ﷺ: (البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا.. فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما.. وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِما)
– الصدق.. سبب في دخول الجنة وقد دلّ على ذلك قول الله تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ* الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ)
– (إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ.. وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ).. صدق رسول الله ﷺ
– الصدق من صفات أهل الإيمان والتقوى.. وقد دلّ على ذلك قول الله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ)
– قوله تعالى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
– الصدق أحد علامات انتفاء النفاق.. وقد دلّ على ذلك قول رسول الله ﷺ: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ)
– (إذا حَدَّثَ كَذَبَ.. وإذا وعَدَ أخْلَفَ.. وإذا اؤْتُمِنَ خانَ)
فضائل الصدق في الإسلام
– الصدق.. سبب في نيل محبة الله – تعالى- ورسوله رسول الله ﷺ
– الصدق.. سبب في الفوز بالجنة.. والنجاة من النار
ثمرات الصدق
– الحفاظ على نقاء المُعتَقَد وسلامته من لوثات الشرك الخفي وغيره
– الحفاظ على الاستقامة والثبات عليها.. حيث إنّ الصادق يعمد إلى التمسك بمبادئ دينه من عقيدة.. وشريعة.. ومعاملات
– دون أن يكون.. متذبذباً.. أو متردداً.. أو انتقائياً.. في ذلك بحيث يتمسك بما كان موافقا لهواه.. ويدع غيره
– الهمة العالية في النفس والعزيمة القوية التي من شأنها الحث على السير في الطريق إلى الله – تعالى – والدعوة إليه.. سرعة التيقظ، والتذكّر
– والندم على الذنب، حيث قال الله – تعالى-: (إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ).. محبة الصالحين والصادقين وكثرة مجالستهم والاختلاط بهم
– لا سيما وأنّ ذلك يعدّ زاداً يستعين به الصادق ويتقوّى للوصول إلى رضا الله -تعالى- لذا قال الله – تعالى- مخاطبا رسول الله ﷺ
– (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا)
– نيل ثقة الناس ومحبتهم.. وائتمانهم للصادق على جميع معاملاتهم.. وعزة النفس ورفعتها بين أفراد المجتمع
ثمرات الصدق وفوائده متعددة ومن أهمّها:
– المحافظة على سلامة العقيدة.. والثبات على الاستقامة.. وسرعة الندم على الذنب والتوبة منه
أنواع الصدق
1- صدق النية
– المقصود به صدق وإخلاص النية لله وتوجيه النية في جميع أعمالنا لوجهه ابتغاء مرضاته
– فالنية.. أساس كل عمل.. فلا عمل بغير نية.. ولا توجه من
غير قصد
– والقلب هو مستقر النية.. ومكنونها.. فيجب ان يتوجه القلب الى الله وحده حتى
تصدق النية
– المسلم قد يأتي بحسنات امثال الجبال فقط.. بصدق نيته فمن
الممكن للإنسان أن يحصل على تلال من الحسنات وهو في بيته.. أو وهو على فراشه فقط
– بالنية الصادقة يقول النبي صلى الله عليه وسلم:” من طلب الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء.. وان مات على فراشه”
– فالواحد منا لو صدق الله في نيته بأن يموت شهيداً ولم يكتب الله له ذلك ومات فيأتي يوم القيامة وقد أنزله الله منازل الشُهداء
– فالإنسان اذا صدق النية.. سيجد يومه كله طاعة لله- تعالى- فربّ عمل صغير تعظمه نية.. وربّ عمل عظيم تحقره نية
– يضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا جميلا قال: (مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر رجل آتاه الله:: مالاً.. وعلما.. فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقه
– ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالاً.. وهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه بمثل الذي يعمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما في الأجر سواء
– ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله ينفقه في غير حقه.. ورجل لم يؤته الله علما ولا مالا وهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما في الوزر سواء
– فمثلا اذا قلت بنيّة صادقة: لو كان معي مال لبنيت مسجدا لله ويعلم
الله صدقك فتأتي يوم القيامة وبناء المسجد في ميزان حسناتك
-ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى فراشه.. وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى.. وكان نومه صدقة عليه من ربه تعالى
– ما أكرمه سبحانه يكتب لك قيام ليلة وأنت لم تقمها وما ذاك إلا لأنك نويت قيامها.
-فبصدق النوايا نحصل على حسنات لم نشمر لها ساعداً.. ولم يسعى لها ساقاً ولم يتعب بسببها بدنا.. فقد يأتي أحدنا بحسنات كالجبال فقط بصدق نيته.
– وصدق النية من شأنه اقامة الصدق في الاقوال.. والافعال.. كما ان الصدق في القول سُلَّمٌ الى الصدق في الفعل
– الصدق في الفعل سُلَّمٌ.. الى صدق النية الا ان النية اذا صدقت.. انعطف صدقها عل الاقوال.. والافعال فان استقامت النية مع الله – تعالى – استقامت الاقوال و الافعال
2- صدق اللسان
وهو صدق الحديث و الإخبار.. وهو انواع عديدة منها:
صدق اللسان في القرآن يقول النبي صلى الله عليه وسلم:” من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار”
– و صدق اللسان في نقل الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم:
– “من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”
ومن أنواع صدق اللسان الصدق في التجارة
التاجر الصّدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء”. ويقول صلى الله عليه وسلم: ” البيّعان بالخيار ان لم يتفرّقا،. فان صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما”
– من أنواع صدق اللسان الصدق في الشهادة.. يقول النبي
ألا أنبئكم بأكبر الكبائر”. قالوا: بلى يا رسول الله قال: الشرك بالله، وعقوق الوالدين وقتل النفس”.. وكا متكئا فجلس
– وقال:” ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور”
ومن أنواع صدق اللسان الصدق عند الزواج
– فيجب على المرأة ان تكن صادقة مع زوجها و يجب على الزوج ان يكون صادقا مع زوجته.. حتى تستقيم حياتهما و يبارك الله لهما
– ومن أنواع صدق اللسان الصدق مع الأولاد حتى يتعلم الطفل الصدق من أبويه كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أحد الصحابة فنادت زوجة الصحابي ابنها فقالت له:
– تعال هاك، فنظر اليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال:” ماذا تريدين أن تعطيه؟
أمعك شيء تعطيه” قالت نعم معي تمر يا رسول الله.. قال :” أما انك لو لم يكن معك ما تعطيه اياه لكذبت عليه كذبة”
– ومن أنواع صدق اللسان الصدق في المزاح والضحك.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:” ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب.. ويل له ويل له” فكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول الا صدقا.
– و من الصدق ان يصدق الانسان في ادق واصغر الاشياء و هو ما يسميه الناس الكذبة البيضاء.. فليس هناك كذبة بيضاء وكذبة سوداء او كذبة صغيرة و كذبة كبيرة فقال صلى الله عليه وسلم:” ان الكذب يكتب كذبا حتى الكذيبة تكتب كذيبة”
3- صدق العمل
– يقول الله تبارك وتعالى:” وقلربّ أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا”
– و يقول الله تعالى:” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا
الله عليه” فليس هناك ادل على صدق القول من العمل.
– فلا يطلب الانسان شيئا من الله بصدق الا اعطاه اياه.. فان تصدق الله يصدقك
– و هؤلاء الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه كثير من هؤلاء العمير بن الحمام في غزوة بدر عندما قال رسول صلى الله عليه وسلم:” قوموا الى
جنّة عرضها السموات والأرض”
– فقال عمير: بخ بخ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “ما يحملك يا عمير على قول بخ بخ”.. قال: أرجو أن أكون من أهلها
– فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:” أنت من اهلها” فكانت في يد عمير
تمرات يأكلها فنظر الى التمرات
– وقال: اما بيني وبين الجنة الا هذه التمرات وانها.. لحياة طويلة.. فألقى التمرات.. ودخل فقاتل ومات شهيدا
– و مثال آخر منهم هذا الرجل : انتفض رجل وذهب الى النبي:
صلى الله عليه وسلم بعدما أعطوه نصيبه من الغنائم في غزوة خيبر.. فقال: ما هذا يا رسول الله؟! قال:” نصيبك من الغنائم”
– قال: يا رسول الله.. والله ما على هذا اتبعتك.. ولكن اتبعتك على سهم هاهنا.، وأشار الى نحره فأموت وأدخل الجنة
– فنظر اليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:” ان تصدق الله يصدقك “وتأتي غزوة فيموت هذا الرجل شهيد و العجيب أن السهم يأتي حيث أشار فاتوا
به الى النبي صلى الله عليه وسلم فقلب كفيه متعجبا يقول:” أهو هو؟ صدق الله
فصدقه الله”.
– فهذه و الله هي كلمة السر ” اصدق الله يصدقك ” فالمطلوب من المؤمن الصدق في جميع احواله و شئونه حتى يدخلَ دائرتَه التي
ترفعه إلى مراتب الصدِّيقين
– يقول صلى الله عليه وسلم: (ولا يزال الرجل يصدقُ ويتحرى الصدقَ حتى يكتبَ عند الله صدِّيق )
– يقول الله تبارك وتعالى:” ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذي أنعم الله عليهم من لنبيين والصديقين والشهداء والصالحين.. وحسن أولئك رفيقا”.
– فالصدق مرتبة بين النبوة و الشهادة بل هي اعلى من الشهادة لان الانسان لا ينول الشهادة الا ان كان صدقا.. اللهم اجعلنا من الصادقين
أسباب الكذب
هناك الكثير من الاسباب تجعل الناس يكذبون منها:
1- الكذب للخروج من مأزق
– معظم الناس الا من رحم الله يقع في هذا السبب فمثلا: تجلس المرأة في بيتها تشاهد التلفزيون طوال النهار
– ويأتي الزوج من عمله بعد عناء ومشقة طوال اليوم ويسألها أين الغذاء؟ فتكذب للخروج من هذا المأزق
– وتقول له انها كانت مريضة.. او يرسب الابن في الامتحان.. ويعود لوالده
– ويقرر ان يكذب للخروج من هذا المأزق.. و يقول لوالده انه نجح ثم يكتشف الاب الحقيقة.. بعد ذلك فالكذب ينكشف ولو بعد حين و لا ينجى صاحب
2- الكذب لجلب المنفعة
– وهذا السبب خطير جدا لأنه يؤدى الى النفاق.. لأنك لن تقنع بمجرد الكذب للحصول على المنفعة بل تبدأ تستبيح حرمات.. وغير ذلك الكثير والكثير
– فأبو جهل كان يعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم صادقا.. ولكن كان حريصا على منفعته الشخصية ونفوذه لذلك لم يسلم
– مر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي جهل وصديق له، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم
يدعوه للإسلام فقال أبو جهل: يا محمد أنت كاذب لا أصدقك
– فحزن النبي صلى الله عليه وسلم.. وتركهم.. فقال أبو جهل لصديقه: (الذي أسلم بعد ذلك):
انني أعلم أنه صادق.. لكن يمنعني أن أومن به أن قبيلتي وبنو عبد مناف (قبيلة النبي) فرسي رهان، يقولون: منا كذا، ونقول منا كذا.. حتى قالوا: منا نبي.
بقيً أن نقول:
– نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص.. والصدق في الأقوال والأعمال