إنه من سخرية القدر أنه لا يوجد غير حزبين يتنافسان السلطة في أكبر ديمقراطية في العالم. ربما كان على المرء أن يتخيل أنه في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية متعددة الأعراق والأجناس والديانات والطوائف والطبقات والشرائح أن تكون هناك عشرات الأحزاب. وعلى العكس من ذلك تجد ان عدد الأحزاب والكتل التي تدخل الانتخابات في دول ترفع لافتات الديمقراطية والحرية شكلياً وغوغائياً يبلغ العشرات وحتى المئات أحياناً.
وفي العراق، وبسبب حالة التحاصصية الطائفية والعرقية، والتي أصبحت واقعاً حصيناً تديره مرجعيات البارونات المباركة اقليمياً ودولياً من أجل ابقاء العراق متناحراً مفتتاً، طفح الكيل لدى الكثير من أبناء الشعب “الغلابة” وراحوا يبحثون لهم عن متنفس ومخرج في اطار لعبة الانتخابات والديمقراطية سواء عن طريق الدوائر الانتخابية المتعددة أو عن طريق القوائم المفتوحة التي تتيح الفرصة للمرشحين المستقلين والمتمردين على أحزابهم وكتلهم للفوز بمقاعد برلمانية. وعندها سيصعب الحال على بارونات الكتل الرئيسية الهيمنة على البرلمان وضمان تشكيلات الكابينة الوزارية ومشاريعها ودرجاتها الوظيفية.
لم يعد خافياً على أي فرد عراقي أن تمثيليات الانتخابات الديمقراطية في واقع العراق الريعي وغير المستقل الحالي بأنها ليست أكثر من لعبة توزيع الغنائم القائمة على نهب ثروات الشعب.
هذه الغنائم تتمثل في:
توزيع المناصب بكل ما تعنيه من مكاسب كبيرة، وأحياناً خيالية، في مرتباتها ومكافآتها ومخصصاتها وحماياتها وصلاحياتها الادارية والمالية.
كسب العقود التجارية والمشاريع الكبيرة والعملاقة والمجزية مالياً، الوهمية وشبه الوهمية.
الحصول على العمولات والرشاوى الداخلية والخارجية.
ضمان الدعم السياسي والاعلامي والأمني والاستخباراتي من قوى ومؤسسات فاعلة، داخلية واقليمية ودولية.
ان نظام سانت ليغو المعدل، القائم على معدل توزيع المقاعد، من خلال تقسيم عدد الأصوات على 1،7 بدلاً من التقسيم
على 1 انما سيؤدي الى تعزيز ضمان حصول كتل التجزئة الطائفية والعرقية الكبرى الرئيسية على النصيب الأكبر من المقاعد وحرمان الكتل الصغيرة، وبالتالي استمرار حالة المراوحة في مربع تقسيم العراق عملياً، وتكريس حالة الطائفية المذهبية والعرقية فيه، واستمرار التجذيف المتقاطع لزورقه العائم في مياهه الراكدة الآسنة