ترتبط المصداقية السياسية عادة برصانة الأحزاب ومصداقيتها ومدى جديتها في تحقيق أهدافها السياسية من جهة وتحقيق آمال الجماهير من جهة اخرى، وخلاف ذلك تصبح ظاهرة حزبية مشوهة. وفي ظل غياب المصداقية السياسية تصبح وجود الأحزاب بهذا الكم المفرط غير مبرر.
ونتيجة للكبت السياسي لأربعة قرون مضت وبفضل الحرية السياسية أصبح المشهد السياسي بعد عام 2003 غارق في عدد مهول من الأحزاب التي لا يفرق بينها سوى المقر والاسم مما خلقت تشويش فكري وثقافي وادخلت الجماهير في مستنقع التدافع الغير المنتظم. مما شكل تحدياً سياسيا واجتماعيا لتماسك النسيج الاجتماعي، وانعكاسا لثقافة الصراع والتضاد بين أفراد الشعب لتصل مدياتها احيانا إلى الكراهية والمواجهة.
واغلب تلك الأحزاب لا تملك ايدولوجيات فكرية كمناهج سياسية يمكنها ان تطور تنظيماتها الحزبية او اجنداتها السياسية, باعتبار المناهج والأفكار السياسية وبلورتها من مهام الحزب الناجح, لأنها تمثل العقل الذي تفكر به والرئة التي تتنفس بها الحياة. وخلاف ذلك تصبح أحزاب خاوية وفارغة ومتشابهة.
لذلك نجد ان بعض الأحزاب العريقة فقدت ادواتها واستنفذت اغراضها، وبدأت تفكر بمنطق القبيلة اكثر مما تفكر بالمنطق الأيديولوجي السياسي وتعتمد التدافع الجماهيري اكثر من التنظيم الحزبي مما أصابها افلاس تنظيمي وعطب فكري وذلك يسبب في عجزها عن الانخراط باي فعل إيجابي او حراك سياسي واجتماعي, وهذا خلق لها إعاقة حزبية وشيخوخة سياسية مبكرة, هذه الأحزاب سواء كانت دينية أو وطنية أو يسارية. وللأسف اغلبها لا تملك رؤية سياسية او مشروع دولة او مشروع مجتمعي ينقذ البلد من الفوضى السياسية والتخبط الإداري والفساد المالي.
والسبب يعود الى الخلل الحاصل في بنية الحزب التنظيمية والفكرية وغياب الديمقراطية بين صفوفها، وعجز الاستقطاب المجتمعي بين صفوفها، فقد تحولت إلى مؤسسات مغلقة تبحث عن المنافع الشخصية والامتيازات الحزبية والريع السياسي, فضلا عن الصراعات داخل الحزب وخارجه مع الأحزاب الأخرى من اجل الاستحواذ على مكاسب السلطة ومنافعها الشخصية.
كما تعتبر المصداقية السياسية أمراً مهما بالنسبة للأحزاب السياسية، حيث تتعلق بقوة وقدرة الحزب على الوفاء بوعوده وإيمان الناخبين بقدرته على تحقيق الأهداف التي يعلنها. ولتحقيق المصداقية السياسية يجب على الأحزاب الالتزام بالمبادئ الأخلاقية باعتبارها جزء من المجتمع وهي المحرك الأساسي للديمقراطية في الأنظمة البرلمانية.
والأحزاب في كل بلدان العالم هي فعل تراكمي تجدد مصداقيتها وقناعاتها ومفاهيمها وتنسج افكارها من الواقع نظرا لحاجة المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية, باعتبارها جهات رئيسية في الإجراءات ورسم الخطط وصناعة القرار, فهي مسؤولة حتما عن قضايا المجتمع والجماهير .

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *