في ظل ما تعانية كتاباتنا اليوم من سيادة الأغلاط اللغوية بأنواعها المختلفة: الإملائية والنحوية والصرفية والأسلوبية، فضلا عن إهمال علامات الترقيم إهمالا شبه تام، تظهر إلى العيان على نحو مُلحٍّ الحاجة إلى التدقيق اللغوي (أو التصحيح اللغوي)، والتدقيق اللغوي يعني مراجعة النصوص المكتوبة، بقصد التأكد من صحتها وسلامتها اللغوية والنحوية والإملائية، ومن المقومات الأساسية للمدقق اللغوي إجادتُه اللغةَ العربية إجادة تامة، وإلمامُه إلماما متميزا بقواعد اللغة العربية نحوا وإملاءً وصرفا وأسلوبا، فضلا عن أن يكون ذا ثقافة عامة واسعة تؤهله لمعرفة متطلبات سوق العمل، وعليه أن يتأكد عبر دراية تامة وخبرة فاعلة، من صحة مفردات النص المدقَّق ومحتواه، فضلا عن جودة الصياغة وصحة تركيب الجمل، سعيا نحو إيصال النص إلى صورة مثالية أو على الأقل مقبولة، تسهِّل عملية القراءة والفهم، وبما يضمن عملا صحيحا سليما خاليا من الأغلاط اللغوية والإملائية والنحوية.
ويبدو أن المدقق اللغوي مطلوب وجوده اليوم في كل مكاتب المفاصل المهمة في الدولة بدءً من الرئاسات الأربع ومكاتب الوزراء ووكلاء الوزراء والمديرين العامين، ومرورا بمكاتب الهيئات المستقلة مثل مفوضية الإنتخابات وهيئة النزاهة وغيرها، ومطلوب وجوده في الصحف والمجلات ودور النشر الحكومية والأهلية، والجامعات والكليات الحكومية والأهلية، ولا بد من الإقرار بأن دار الشؤون الثقافية كانت ومازالت تعتمد على المدقق اللغوي في جميع إصداراتها من كتب ومجلات.
ونقترح هنا أن يُضاف درس جديد إلى طلبة أقسام اللغة العربية في كليات الآداب وكليات التربية للعلوم الإنسانية وكليات التربية الأساسية في الجامعات العراقية، في سنتهم الدراسية الرابعة، هو درس التدقيق اللغوي، نظرا لأهميتة الكبيرة في الحياة العملية وفي الحياة العامة، على حد سواء، وليكون سبيلا إلى إعداد مدققين لغويين متخصصين.
ومن المهم جدا العناية بعلامات التشكيل العربية، التي تقوم بضبط الموقع النحوي للكلمة في الجملة، ولو أننا استعملنا علامات التشكيل العربية في الكتب والبحوث والمقالات وفي كل ما هو مكتوب، بصورها الصحيحة، لكان لها أثر كبير على صحة الألسن، وزيادة الدَّرَبة عند الكتّاب، وأذكر هنا أني قرأت كتابا واحدا استعمل علامات التشكيل العربية، وذلك الكتاب هو (لا تحزن) للدكتور غائض القرني، وهنا أدعو إلى تشكيل كل الكتب والبحوث والمقالات بعلامات التشكيل العربية، وكل المناهج التعليمية لكل المراحل الدراسية، وأدعو من جانب آخر إلى إدخال جميع الموظقين في دورات السلامة اللغوية، ويكون النجاح فيها شرطا من شروط الترقية، مثل دورات الحاسبات الإلكترونية.