تحتفظ ذاكرتنا بالعديد من الحكايا والمواقف لمعسكرات مختلفة في الخدمة العسكرية أو تجربة العمل الشعبي،هذه المعسكرات شكلت إضافة في تكوين شخصياتنا واختيارنا للأصدقاء ممن رافقونا معا ،صحيح أننا نهرب إلى الماضي بالتقاط المواقف الطريفة منه في محاولة نسيان الواقع الحالي الأشد مرارة من ذي قبل.

إليكم حكايتين من تلك المعسكرات:

معسكر الأفكار

بعد انتهاء العام الدراسي الأول من سنوات الجامعة التكنولوجية التي كنا ندرس فيها وتحديدا في أول الصيف من العام 1980 تم تبليغ الطلبة بالالتحاق بمعسكرات العمل الشعبي ، وكان نصيب جامعتنا معسكرا سمي ب (أبطال القادسية )وقد ضمت مجاميع العمل طلابا من مختلف المناطق العراقية ومن مختلف الاختصاصات ،ومع الأيام كنا نألف بعضنا ونحب بعضنا ونضع ثقتنا بالاخر ،فمنا من كان يحمل فكرا يساريا واخرون اسلاميون متعصبون وثمة بعثيون سطحيون يتحدثون عن الوحدة العربية ويرددون عبارات القومجية الفارغة .أما البعض فقد اختار أن يكون عبثيا لا يجيد الكلام الا عن الأكل والولائم ومغامرات نسائية نسجها خياله الخصب ،أما القلة القليلة فقد اختارت أن تكون معارضة بصمت . بعد أن قطع العمر رحلته الطويلة معنا كنا نحمل هوية مشتركة هي .(عراقيون متعبون )ولكم أن تسألوا السنين عن ذلك ؟

معسكر الناصرية

بعد نشر موضوع معسكر الأفكار وردتني العديد من التعليقات من زملاء لي شاركوني في ذلك المعسكر ( أعني معسكر أبطال القادسية للعمل الشعبي )، الا اني توقفت كثيرا عند تعليقات زميلي والمدرس حاليا في قسم الانتاج والمعادن / الجامعة التكنولوجية السيد (عبد الأمير بكتاش) ،تلك التعليقات التي عادت بذاكرتي الى معسكر اخر ،هذه المرة للجيش الشعبي وتحديدا في صيف العام 1986 حيث تمت دعوة الطلبة والاساتذة للالتحاق بمعسكرات الجيش الشعبي وكان نصيب جامعتنا معسكر أقيم في منطقة يقال لها ( تل اللحم ) في الناصرية جنوب العراق .ويتحدث زميلي عبد الامير عندما أتذكر وأتكلم عن معسكر الناصرية تبرز أمامي الذكريات الطريفة رغم صعوبة تلك الأيام ، كنا معيدين وقد جاء كتاب من القيادة العليا بشمول الطلاب واساتذة الجامعات بالتدريب الا ان الوزارة فاتحت القيادة بوجود معيدين من العشرة الأوائل فجاء الرد بشمولهم بالتدريب أيضا !وتشترك ذاكرتي مع زميلي عبد الأمير في تسجيل موقف طريف عندما استطعنا الافلات من المعسكر ووصلنا الى كراج الناصرية الرئيسي واستقلنا سيارة الريم المتجهة الى بغداد مرتدين الملابس العسكرية ، وبعد انطلاق السيارة قمنا بتبديل ملابسنا العسكرية بلبس الدشاديش والبقاء بالبسطال العسكري ،وتم ايقاف السيارة من قبل سيطرة الانضباط العسكري لتدقيق هويات الركاب والبحث عن فارين من الخدمة العسكرية ، وصعد الانضباط وأخذ يقلب هوياتنا المدنية وسط ارتباك كبير منا وسألنا :

وين تشتغلون ؟

– بالجامعة التكنولوجية

فرد بابتسامة :أشو دشاديش وبساطيل ؟

لم نرد عليه وأعاد لنا هوياتنا ،تنفسنا الصصعداء وقبل ان تنطلق السيارة من جديد قام الانضباط نفسه بالطرق على نافذتها ملوحا لنا بابتسامة عريضة

– هلا بالتكنولوجية .

وقد بدا لنا بانه قد كشف سرنا وعرف اننا (شاردين) من المعسكر !

المقالة مهداة الى السيد عبد الأمير بكتاش.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *