كل أزمة باتت قابلة للحل، وكل مشكلة تكاد تكون من الماضي بعد التصالح بين إيران والسعودية. أيّ مصير لشعوب المنطقة و أي سيادة لدولها حين يكون كل شيء مرهوناً بأزمة بين بلدين منذ أربعة عقود، قد لا يكونوا بالضرورة مع رؤيتي هذين البلدين المتخاصمين انطلاقا من خلفيات استراتيجية في امن الخليج ومصادر طاقته والولاءات الدولية والنفوذ الأمريكي؟
لا وجود للخلافات المذهبية في قياس المسافات السياسية والمصالحية الا لدى طبقات التطرف في هذا البلد او ذاك، وهي طبقات قابلة للتحريك والتعبئة عند الضرورات السياسية.
التطبيع مع سوريا صار قراراً منتهياً، وينتظر الإعلان عنه من قلب السعودية في القمة العربية المقبلة بدعم من مصر ودول في الخليج. وقضية حرب اليمن التي لم تكن لها نهاية واضحة
بعد ما يقرب من عقد من الزمن، أصبحت على طاولة الحل المباشر والسريع، والوفود السعودية تصل الى العاصمة اليمنية صنعاء أسهل مما تذهب الى عاصمة الجنوب في عدن.
والوضع العراقي سيكون في مأمن نسبي من التداعيات التي كانت تفرزها الخصومة الإيرانية السعودية.
حتى القائم بالأعمال الإيراني في الأردن بات يحضر سهرات رمضانية مع سفيري السعودية وقطر بعد عزلة ذاتية كان يعيشها الطاقم الدبلوماسي الإيراني سنوات طويلة .
هناك صفحة جديدة كبيرة تشرق عليها الشمس في المنطقة، باستثناء تفجر الوضع الفلسطيني، وما يتصل بوضع لبنان المتداعي.
الاتفاقات الاستراتيجية بين القوى الإقليمية تطيل اعمار الأنظمة الداعمة لها، لكن ذلك لا يكفي وحده من دون اتفاقيات عدم اعتداء وحسن جوار بطعم التحالف غير المعلن، لكي تعمل كل الدول لخدمة الإقليم الخليجي والشرق أوسطي الذي عانى من اشتعال النيران طويلاً. كل هذه المعادلة ستتغير في زمن قصير إذا حدثت حرب من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة مع إيران، هذا الاحتمال الذي يبدو مجرد ورقة ضغط سياسية وتساومية لا اكثر، لكن في الوقت ذاته هو احتمال قد يتفعّل سريعاً مع أي تطور نوعي في الملف النووي الإيراني، أو في تحالفات روسيا مع دول آسيوية مهمة، ومنها ايران وساحل الخليج.
لا توجد علامات منبعثة من إيران على تغيير استراتيجي في جهوزية حرسها الثوري العقائدي لمهمات ما في المنطقة. هناك أمور في العقائد الحاكمة قد لا تبقي المصالح السياسية مستقرة على طول الخط، لكن في هذه المرحلة التوافق والتصالح هو العنوان الأكبر، وانّ الأموال ستتدفق في استثمارات متبادلة، لا يعوقها سوى العقوبات الامريكية التي ستغدو بعد زمن غير ذات فائدة