المعادلة واضحة في قضية سوريا، ويمكن قراءتها من خلال الجدل حول إعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية، اذ انّ هذه العودة تعني في أبرز وجوهها انّ المسار السوري بكل عثراته واخطائه وتداعياته كان أصح ، من المسارات العربية التي ثبت انها كانت تسير في الاتجاه الخاطىء، بل متورطة بالوكالات والنيابات في الحرب التي دارت على مدى عقد من الزمان في سوريا.
قضية الحل السياسي في سوريا التي يطالب بها، او بصراحة يتحجج بها بعض العرب، بوصفها شرطاً لإعادة سوريا للجامعة، إنما هي قضية مطاطة وواجهة للأعذار وداخلية تخص السوريين وحدهم من دون الحاجة لوصاية احد، لأنّ الجميع يعلم انه لا يوجد بلد عربي واحد بما فيه البلدان التي اشتعلت بالمليشيات والحروب مثل ليبيا واليمن، يقبل مسألة فرض شكل النظام السياسي، فضلا عن البلدان ذاتها التي تنادي بهذا الحل لسوريا، اذ جميعها ترفض ان يجري تطبيق المقياس نفسه عليها، لذلك سيبقى الحال كما هو عليه في كل مسارات الملف السوري كما تريد دمشق أولاً وآخراً.
إذن لماذا، تتعثر إعادة سوريا بالرغم من انها تقترب جدا من خط الاندماج بالمسار العربي العام؟
الجواب يرتبط بمسألة العودة بكل حيثيات النظام السياسي لدمشق نفسها التي تعني انّ صفحة إعادة اعمار سوريا وتعويض اقتصادها الذي انهار بفعل التدخل العربي والاجنبي تحت مظلة تلك الحرب التي من الممكن أن تقع في أي بلد عربي، وقد وقعَ ما يشبهها نوعاً ما، ستكون مستحقة على العرب، كما انّ المساهمة في الاعمار دور مستحق أيضاً على دول أوربية في حال عودة علاقاتها الطبيعية مع سوريا.
ثمة تشابه بين انسحاب الاحتلال الأمريكي من أفغانستان وعودة حكم حركة طالبان كسابق عهده وكأنّ عشرين سنة كانت لا شيء، وبين عودة سوريا بكل وضعها وقناعاتها السياسية ورموزها الى الجامعة العربية بعد خسارة بعض العرب رهاناتهم التبعية لأجندات دولية في إحلال الفوضى في سوريا وتخريب أكثر بلد عربي بعد العراق «السابق» في تمتعه بالسلم الاجتماعي، مع زيادة خاصية أخرى هي الدور الإقليمي الفاعل لسوريا في العقود الماضية سلماً وحرباً، بغض النظر عن الإخفاقات التي اشترك بها الجميع وليس بلداً بعينه.
ستعود سوريا للجامعة العربية كأمر حتمي، وسيدفع العرب الجزء المستحق عليهم من فاتورة تلك الحرب التي أوقدوا لها وساروا في ركابها مهللين بشعارات لو عكسناها على انظمتهم لسقطت منذ عقد من الزمان.