كنت عائدا من دعوة إفطار مع ندوة تحت شعار وطني واسلامي واجتماعي .. وقد القيت بها الكلمات والقصائد العصماء والخطب والامثال والحكم … وكنت جزء من ذلك الخطاب التوجيهي العام الذي انصب اغلبه على أهمية الامن الاجتماعي سيما قطاع الشباب وضرورة الاعتناء بهم والبحث عن اليات دعم وإصلاح وبناء جديدة تنسجم مع الواقع وتمتلك قدرة التطبيق بعيدا عن الأفكار التسويقية والزخرفية والنفعية او الطوباوية ..

لفت نظري جمهرة زمرة من الناس بعد الإفطار بوقت قصير : ( شيب وشباب نساء ورجال وأطفال … كل يمتع ناظره ويرفع عقيرته ويقرا المشهد بناء على خلفيته .. السباب والشتام .. مستمر والتهديد والوعيد قائم .. مع سيارات بوليس تحيط بالمكان ومسلحي الداخلية مدججين ومهيئين لعمل كبير او بالأحرى صيد ثمين ) .. وقد تساءلت ثم تجرأت فسئلت عما يجري ، فقال احدهم : ( لقد تم القبض على شاب لا يتجاوز السادسة عشر من العمر يسوق – التكتك – وهو متلبس ببيع حبوب الكرستال ) ..

بيع الكرستال .. ( يا للهول يالآهي .. ) ، تساءلت في نفسي مع هول ما اختلجني من خطورة الموقف وماساة تداعيات المشهد : ( الكرستال والمخدرات والاركيلية والمسكرات وصناعة المحتوى الهابط وثقافة الانحطاط وتسويق لغة التفاهة …. وغير ذلك الكثير مما غزا العراق عامة والعاصمة خاصة والمدن الشعبية الجماهيرية باخص الخصوص .. سيما بعد 2003 والسماح بفتح واجهات متنوعة ومتعددة وبعناوين مختلفة كلها تسوق وتمهد وربما تشجع لممارسة وأداء هذا الدور التخريبي والمرض الخبيث في جسد الامة الذي يترك ضحيته الا عبر تحويله ل( قنبلة ) مرضية وجمرة خبيثة يصعب الخلاص منها واجتثاثها الا ما ندر وبمعجزة ربانية .. ووفي النهاية يتحول الضحية اما قاتل لاهله او للمجتمع او اقل القليل لنفسه ) .
ثم اضافت نفسي تحدث نفسها : ( يا ترى ان هذا الطفل ( ذو 16 ربيع ) .. ما هو وامه وابيه المساكين .. الا ضحية من ضحايا تلك الاجندات التي غزت العراق كل العراق ولم تترك حرمة فيه الا وانتهكتها بعد ان شرعت لها كل وسائلا الانطلاق بعواهنها بعيدا عن مضبطاتها وكابحاتها ومكافحتها .. ) .
فان أي اصلاح ومهما كان رياضيا او شبابيا او مجتمعيا او تربويا او علميا او فنيا … لا يتم الا عبر معالجة هذا الفتق الخطير الذي لم يتم اختياره عشوائيا ولم يخترق بطرق اعتيادية او عفوية . فان سبل المكر والخديعة والتضليل والدهاء الإنساني والاجنداتي قد وضعت في جوهر ولب هذا الملف الذي تم التخطيط له قبل 2003 وبسرية تامة وبادوات ولاعبين بالتأكيد لا نعرفهم ولا يمكن التوصل اليهم ..
نامل من السادة : ( رؤساء السلطات العراقية وكذا الزعامات الروحية والنخب الفكرية والقوى الثقافية والمتخصصين … المحترمون ) ان يبادروا لعقد ندوات وتشكيل لجان من اعلى السلطات ومنح الصلاحيات الكافية لوضع برنامج تشترك به وزارات ( الدفاع ، والداخلية ، والخارجية والشباب والصحة والتربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة واللجنة الأولمبية واتحاد القدم والاوقاف والاعلام ) .. لياخذوا جميعا – كل حسب مكانته وامكاناته ودوره المشخص بدقة – على عاتقهم دراسة الملف بوقت محدد لا يتجاوز الشهر .. على ان يصدروا توصياتهم للمصادقة عليها من قبل الحكومة واتخاذ التدابير اللازمة …
والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق !

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *