ـ شخصية سياسية معتدلة.. لم يعرف الطائفية البتة.. عنده مصلحة الوطن هي العليا.

شخصيته

ـ يقول البزاز: (أنا شخص اعرف قدر نفسي).

ـ كما إنه يحدد مواصفات الحكم: بأنه الحكم الذي يجب أن يحقق أهداف الأمة العربية.

– مع الحفاظ على كرامة الفرد بالمعنى الذي جاء بالقرآن الكريم.. (ولقد كرمنا بني آدم).

– مما يعني إيجاد معادلة سليمة توفق بين مصلحة الجماعة.. وحق الفرد في: الحرية.. والكرامة الإنسانية.

ـ ويضيف البزاز قائلاً: عندما عرضً عليً أن أكون رئيسا لمجلس الوزراء رفضتُ.. لأن ذلك يخالف الدستور المؤقت.. وآثرت التنازل في الانتخابات عن رئاسة الجمهورية الى من نال اقل مني رعاية لحكم الدستور.

(القاضي ـ المعلم):

ـ لازمته شخصية (القاضي.. المعلم).. فضمان حقوق الناس.. وتوفير أمنهم واستقرارهم وسعادتهم تحددها مسارات الأحكام المنصفة.. وترسم صورة القضاء العادل.

ـ ويرى في الحرية التي يتحلى بها المعلم في مواجهة التحديات التربوية.. التكامل من خلال عمله في التعليم وفي أروقة القضاء.. وفي أي المواقع الإدارية والسياسية.

ـ البزاز:من العوائل المعروفة التي انتقلت من مناطق أعالي والفرات.. من عشيرة (الاسلم) وهي فرع من عشيرة شمر.. قدمت من نجد الى العراق قبل حوالي 600 عام.

– واستوطنت الجبهة الغربية من نهر الفرات.. وبالذات في قرية المعاضيد.. الواقعة بين دير الزور وعانة على الحدود العراقية السورية.

ـ استوطنت عائلة عبد اللطيف بن حسن بن حمادي المعاضيدي والد عبد الرحمن البزاز.. في بغداد الكرخ منذ 300 سنة.

– وإدامة التواصل مع عشيرتها ومنطقتها.. على العلاقات الوشيجة والصادقة والاحترام المتبادل والتزاوج.

ـ في أربعينيات القرن الماضي انتقل عبد الرحمن البزاز الى منطقة الأعظمية قرب جامع أبو حنيفة النعمان.

– ثم تحول الى منطقة راغبة خاتون بعد أن شيد دار سكنه هناك.. التي عاش فيها طيلة حياته.

السيرة والتكوين:

– ولد عبد الرحمن عبد اللطيف البزاز في بغداد 20 شباط / فبراير/ العام / 1913.. ونشأ بها.. وتعلم القرآن في صغرهِ عند الكتاتيب،

– درس الابتدائية في مدرسة الكرخ الابتدائية.. ثم تخرج في الاعدادية المركزية.. ثم كلية الحقوق ببغداد.. العام 1934

– رشح في بعثة دراسية إلى بريطانيا العام 1935.. لإتمام دراسته العليا حيث التحق بالكلية الملكية في لندن.

– لكنهُ عاد إلى بغداد عند إعلان الحرب العالمية الثانية العام 1939.. قبل أن ينال درجة الدكتوراه.

ـ بعد عودته التحق بطاقم التدريس في كلية الحقوق.

ـ اعيد إلى الخدمة المدنية العام 1945 حينما التحق بالعمل في وزارة العدل التي تسلم فيها أكثر من منصب بما فيها منصب قاضي.

زواجه:

– العام 1945 تزوج عبد الرحمن البزاز من (وفيـة) ابنة خاله نجم الدين الواعظ.. وسكن محلة سوق الجديد في منطقة الكرخ.

ـ ثم انتقل الي الاعظمية في جانب الرصافة حيث بني له دارا في محلة راغبة خاتون بمنطقة الصيلخ.

نشاطه ومناصبه

ـ انتدب خلال عامي 1952- 1953 ولفترة وجيزة للعمل ضمن هيأة الأمم المتحدة للأمور القانونية.

ـ العام 1953 انضم إلى لجنة التدقيق العامة التابعة لضريبة الدخل العامة.. ثم عين عضواً في لجنة لائحة الاستثمار للأموال الأجنبية في المرافق العامة.

ـ العام 1954أعيد تعيينه بوظيفة حاكم بداءة بغداد الأقدم.. قبل أن يتم انتدابه لوكالة عمادة كلية التجارة والاقتصاد.

ـ العام 1955 عين عميداً لكلية الحقوق.. وعلى اثر عريضة رفعها رجال من وزارة التعليم العالي كان البزاز على رأسهم تم فصل البزاز واعتقل لفترة.

ـ كان خلال تلك الفترة قد ترأس نادي البعث الرياضي الذي كان من مؤسسيه.. ثم اطلق سراحهِ لاحقاً.

– مارس المحاماة حتى ثورة 14 تموز 1958.

البزاز وثورة 14 تموز 1958:

ـ بعد ثورة 14 تموز 1958 عين عميداً لكلية الحقوق.

ـ العام 1959 أصبح قاضياً في محكمة التمييز.

ـ بعد حركة الشواف في اذار / مارس 1959 اعتقل البزاز لعدة اشهر واطلق سراحه.

ـ فغادر العراق إلى لبنان.. ثم انتقل إلى القاهرة.. وعهدت إليه عمادة معهد الدراسات العربية العليا خلفاً للدكتور طه حسين.

ـ كما عمل استاذ غير متفرغ لكلية الحقوق في جامعة عين شمس في القاهرة.

ـ بعد انقلاب 8 شباط 1963.. عين البزاز سفيراً للعراق في القاهرة.. ثم نقل إلى لندن سفيراً للعراق هناك.

ـ في أيار / مايو / العام 1964 تولى منصب الأمين العام لمنظمة الاقطار المصدرة للنفط (اوبك).

نشاطه السياسي:

ـ بدأ البزاز نشاطه السياسي منذ أن كان طالباً في لندن.. حيث أسس رابطة الطلاب العرب.. من مجموعة من الطلاب العراقيين والعرب هناك.. وكان أمينها العام 1938.

ـ كما أسهم في الجمعية الإسلامية في لندن.. التي كان معظم أعضائها من الهنود والمسلمين.

ـ كما كان عنصرا فعالاً في مؤتمر بروكسل للطلاب العرب في الجامعات الأوروبية.. الذي عقد في كانون الأول / ديسمبر / العام 1938.

ـ نشط في العراق لتأييد حركة رشيد عالي الكيلاني العام 1941 فكان نصيبه الاعتقال والفصل من الوظيفة بعد فشل هذه الحركة العام 1941.. ولم يعاد إلى الخدمة المدنية إلا العام 1945 كبقية اقرانه الذين فصلوا.

ـ خلال العدوان الثلاثي على مصر في 29 تشرين الثاني / نوفمبر / العام 1956 نشط البزاز مع رفاقه أساتذة الجامعة وجماهير العراق في تأييد مصر ضد العدوان الغاشم.

– وأرسل برقية إلى الرئيس جمال عبد الناصر.. حيا فيها موقفه البطولي والشعب المصري لصد العدوان.

– كما أرسل حوالة مالية بمبلغ (1000 دولار أميركي) تبرع بها أعضاء النادي.

– وأعلن استعداده لإرسال الأطباء العراقيين من أعضاء النادي.. للإسهام في تضميد الجرحى والقيام بالإسعافات المطلوبة.

ـ كما ساهم مع زملائه بصياغة مذكرة استنكار لموقف الحكومة العراقية المساند لدول العدوان.

– وقام هو والوفد الممثل لأساتذة الجامعة العراقية بمقابلة نوري السعيد (رئيس الوزراء) والملك فيصل الثاني وقدموا لهما المذكرة.

ـ حددت المذكرة بكل جرأة ما يلي:

1ـ معاناة رجال التعليم العالي: الذين لم يعودوا قادرين على معرفة الاتجاه الذي يرسمونه تجاه أمتهم العربية وأهدافه.

2ـ اتهمت المذكرة المسؤولين.. الذين يريدون عزل العراق عن الأمة العربية.. وهم أنفسهم لا يتحسسون مشاعر بلدهم (العراق).. ولا يتجاوبون مع طموحاته.

– مما دفع رجال التعليم العالي إلى أن يحملوا شخصيتين متعارضتين الأولى قومية مخلصة.. وأخرى إقليمية انعزالية.

3ـ كما فضحت المذكرة حكومة نوري السعيد.. مشيرة إلى عدم ثقة الجماهير بها لما تتسم به من تطرف في الشعور.. وهزال في الروح.

– لذا من الواجب اتخاذ خطوات سريعة وايجابية تعيد ثقة الجماهير بحكومة وطنية.

4ـ كما استنكرت المذكرة الاعتقالات وأعمال العنف ضد الطلبة المتظاهرين.. الذي يمكن أن تتجاوزه الحكومة.. وذلك باستمرار التظاهرات بوصفها رمزا للتعبير عن مشاعرهم.

5ـ كما نبهت البزاز المذكرة الحكومة إلى وجوب إعادة الطاقات الايجابية المثمرة لدى الطلبة..وهذا لا يأتي بالقمع والأعمال البوليسية.. بل بفسح المجال في تنشيط فعالياتهم الاجتماعية والرياضية والثقافية.

6ـ كما حملً البزاز الحكومة إضعاف الشعور الوطني وإبقاءه غير موجه.. بسبب الشكوك ومحاربة الأنشطة والفعاليات مما أدى إلى هذه النتيجة المؤلمة.

ـ وفي نهاية المقابلة أكد البزاز للملك فيصل الثاني ضرورة الاهتمام بما يلي:

1ـ إسباغ الحرمة اللازمة على المعاهد العليا ورجال التعليم.. ومنع رجال الشرطة من الوسائل الإرهابية التي يستخدمونها مما يثير الاشمئزاز في نفوس الطلاب وأستاذتهم والمجتمع.

2ـ ضمان الحرية الفكرية لرجال التعليم العالي على نطاق ما هو جارِ في العالم وفي الحدود المعقولة.

3ـ فسح المجال داخل الكليات.. وتحت إشراف أستاذتهم.. مع رقابة موجهة ومنظمة وإدخال نظام الفتوة.. مما يجعل الطالب ذا شخصية متوازنة متوجهة نحو الإبداع والخلق والتجديد.

4ـ تعطيل الدراسة مظهر سلبي يدل على فقدان الخطة الايجابية.. وفيها تبديد لأعز الثروات. لذلك يجب استمرارها.

5ـ إطلاق سراح الموقوفين من الطلبة والطالبات بسبب التظاهر من اجل قضية قومية يحسٌ بها الناس جميعاً.

6ـ الإسراع بتنفيذ قانون الجامعة.. وتحقيق الحياة الجامعية المطلوب.

ـ كانت نتيجة ذلك إبعاد البزاز إلى مدينة تكريت.. وفصله من الوظيفة ثلاث سنوات.

– صادف إن التقى البزاز بالسيد خليل كنه (وزير المعارف آنذاك).. وذلك خلال مائدة طعام أقامها قائممقام تكريت للوزير كنه وحضرها البزاز.

– حيث فضح البزاز زيف حكومة نوري السعيد ومناورتها المعلنة والسرية.

– في حين كان يراها كنه صائبة تعبر عن القومية بكل معانيها وتعبر عن الحرية بكل معنى التعبير.

ـ وأوضح البزاز.. في تلك الجلسة.. سياسة العراق الداخلية والخارجية فاضحاً حقيقة علاقة الحكومة العراقية بالغرب.

ـ ودعا البزاز الالتزام بسياسة الحياد الايجابي.

ـ أما في ميدان السياسة الداخلية: فقد أوضح أن سياسة نوري السعيد التزمت الإقطاع والرجعية.. ووقفت إلى جانب كبار المستغلين والجشعين.. ولم تلتزم بوسائل الإصلاح الجادة.

موقف آخر للبزاز:

ـ في الرابع من كانون الثاني / يناير / العام 1965 رفع البزاز مذكرة إلى الرئيس عبد السلام محمد عارف مع مجموعة من أستاذة الجامعة.. مندداً باستخدام العنف والإرهاب والاستفزازات المتكررة داخل الحرم الجامعي.

– وهدد الموقعون بالاستقالة من وظائفهم.. إذا لم تلب الحكومة مطالبهم.. التي تؤكد على سيادة القانون وعدم استخدام العنف ومنع العسكريين من الدخول إلى الحرم الجامعي وممارسة الحريات الديمقراطية.

– وقد اتخذ الرئيس عارف كافة الإجراءات في قدسية الحرم الجامعي وعدم دخول أي قوة أو أفراد عسكريون أو أمنيون داخل الحرم الجامعي أو قريباً منه.

رئاسته للوزارة:

ـ السادس من أيلول / سبتمبر / العام 1965 شكل العميد الركن الطيار عارف عبد الرزاق (الناصري الاتجاه) وزارته.. وأصبح عبد الرحمن البزاز نائباً لرئيس الوزراء فيها.. ووزيراً للخارجية ووزيراً للنفط وكالة.. ولم تمضِ عشرة أيام على تشكيل هذه الوزارة حتى قام عارف عبد الرزاق بمحاولته الانقلابية مستغلاً وجود عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية خارج العراق.

– وعلى اثر فشل محاولته هرب عارف عبد الرزاق الى القاهرة.. وسقطت وزارته.. فكلف رئيس الجمهورية السيد عبد الرحمن البزاز لتشكيل الوزارة.

ـ يعد البزاز أول مدني يتولى منصب رئاسة الوزارة منذ ثورة 14 تموز 1958.. ضمت وزارته عدداً من الوزراء المدنيين أكثر من أية وزارة سبقتها.. بحيث أحتل العسكريون فيها ثلاثة مقاعد فقط.

– وكان الوزراء المدنيين من المعروفين بميولهم القومية.. ولم يكن أي منهم منتمياً الى حزب من الأحزاب السياسية عند استيزارهم.

– كما أن أثني عشر وزيراً بما فيهم البزاز نفسه كانوا أعضاء في الوزارة السابقة.. إضافة الى أربعة وزراء جدد

البزاز.. والمشكلة الكردية:

ـ خلال حكومة عبد الرحمن البزاز جرت مباحثات طويلة بين الحكومة وقيادة الملا مصطفى البارزاني انتهت بإعلان بيان التاسع والعشرين من حزيران العام 1966.. الذي تضمن اثنتي عشرة مادة.. أبرزها:
1ـ الاعتراف بالقومية الكردية في الدستور المؤقت المعدل.. وتأكيد هذا الاعتراف وتوضيحه في الدستور الدائم.. بحيث تصبح القومية الكردية والحقوق القومية للأكراد في الوطن العراقي الواحد.. الذي يضم قوميتين رئيسيتين: (العربية والكردية).. وسيتساوى العرب والأكراد في الحقوق والواجبات.

2ـ إعطاء هذه الحقيقة السليمة ووجودها الحقيقية في قانون المحافظات.. الذي سيعلن على أساس اللامركزية.. وسيكون لكل محافظة وقضاء وناحية شخصية مشاركة يعترف بها.. ولكل وحدة إدارية مجلسها المنتخب.. الذي يتمتع بصلاحيات واسعة في مجال التعليم والصحة وغيرهما من الشؤون المحلية.. ويخول القانون نفسه صلاحية إحداث تعديلات ضمن إطار الوحدات الإدارية.. كما يخول صلاحيات إنشاء وحدات إدارية جديدة إذا اقتضت المصلحة العامة لذلك.

3- الاعتراف باللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في المناطق التي تقطنها أكثرية كردية.. وسيكون التعليم باللغتين على وفق ما يحدده القانون والمجالس المحلية.

4- العمل على إجراء انتخابات برلمانية.. ضمن المهلة التي حددها الدستور المؤقت والبيان الوزاري.. وسيمثل الأكراد في المجلس الوطني المقبل بالنسبة الى عدد السكان.. وعلى وفق النهج المنصوص عليه في قانون الانتخابات.

5- مشاركة الأكراد إخوانهم العرب في جميع المناصب العامة.. على وفق نسبة عددهم بما في ذلك الوزارات والدوائر العامة والمناصب القضائية والدبلوماسية والعسكرية.. مع الأخذ بمبدأ الكفاءة بعين الاعتبار.

6- سيخصص للأكراد عدد من المنح الدراسية والبعثات إلى الخارج للتخصص.. في ضوء الكفاءات الشخصية وحاجة البلاد.. وستهتم جامعة بغداد اهتماما خاصا بتدريس اللغة الكردية وأدائها وتقاليدها العقائدية والتاريخية.. كما أن الجامعة ستفتح فروعا لها في الشمال متى توفر المال اللازم.

7- الموظفون الحكوميون في المحافظات والأقضية والنواحي الكردية سيكونون من الأكراد.. ولا تعطى مثل هذه الوظائف لغيرهم.. إلا إذا كان ذلك في مصلحة المنطقة.

8- تقتضي الحياة البرلمانية إنشاء منظمات سياسية.. وسيكون للصحافة الحق في الإعراب عن رغبات الشعب.. وسيشارك الأكراد في هذه الحقوق ضمن حدود القانون.

ـ وبنود أخرى بالعفو العام وإيقاف أعمال العنف وعودة جميع الموظفين الأكراد الى وظائفهم ومناصبهم.. وإقامة المشاريع وكفالة النازحين والأرامل والأيتام وغير ذلك من بنود لإعادة الحياة الطبيعية للمنطقة.

ترشحه لرئاسة الجمهورية:

– عقد اجتماع مشترك لمجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني لانتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس عبد السلام محمد عارف الذي قتل في حادث طائرة قبل ذلك بأربعة أيام.

ـ خلال تلك الأيام الأربعة تولى تمشية أمور الدولة رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز رئيسا موقتا للجمهورية وهو رجل قانون وسياسي محنك ويعد من العناصر القومية المثقفة وله تاريخ طويل في العمل السياسي.

ـ ولولا تدخل العسكريين لكان البزاز أول مدني يتولى منصب رئيس الجمهورية منذ الإطاحة بالنظام الملكي وتأسيس الجمهورية العراقية العام 1958.

– لكن ضباط الجيش الذين كانوا يسيطرون على مفاصل الدولة وقفوا ضد البزاز وضد الأكثرية في الاجتماع المشترك الذي عقده مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني لانتخاب رئيس للجمهورية.

ـ كان مجلس الوزراء يضم 16 وزيراً بينما يضم مجلس الدفاع الوطني 11 ضابطاً.. وكان الدستور الذي صدر في 29 نيسان 1964 يقضي بعقد مثل هذا الاجتماع لانتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي المجموع الكلي للأعضاء خلال أسبوع واحد من خلو منصب رئيس الجمهورية.

ـ كان البزاز قد رشح نفسه للمنصب بينما رشح معظم قادة الجيش اللواء عبد الرحمن محمد عارف وكيل رئيس أركان الجيش وشقيق الرئيس الراحل لهذا المنصب.. لكن وزير الدفاع العميد الركن عبد العزيز العقيلي يدعمه عدد قليل من الضباط رشح نفسه هو الآخر لهذا المنصب.

ـ عندما انعقد الاجتماع المشترك طرح البزاز فكرة بديلة لانتخاب رئيس الجمهورية بإلغاء المنصب واستحداث مجلس رئاسي ثلاثي يضم ممثلاً عن السنة وممثلاً عن الشيعة وآخر عن الأكراد على غرار مجلس السيادة الذي شكل بعد ثورة 14 تموز 1958.. لكن الضباط رفضوا الفكرة بشكل قاطع.

ـ بعد أن تحدث البزاز عن الأسلوب الديمقراطي لمجابهة الموقف جرت الانتخابات بين المرشحين الثلاثة.. البزاز.. وعارف والعقيلي.

ـ كانت النتيجة 14 صوتاً للبزاز.. و13 صوتاً لعارف.. وصوتا واحدا فقط للعقيلي هو صوته.

– ووفقاً للدستور تقرر إعادة الانتخاب بين البزاز وعارف.. إلا أن البزاز أعلن تنازله لعبد الرحمن محمد عارف خشية ما كان يتوقعه لو انتخب هو للمنصب.. ولكون عبد الرحمن هو شقيق الرئيس الراحل.. وانه كان من رجال ثورة 1958 وقال ان عبد الرحمن “رب أسرة ” في إشارة إلى أن منافسه العقيلي غير متزوج.

ـ وقبل أن يكتب البيان الرسمي بالانتخاب كانت إذاعة بغداد التي يسيطر عليها العسكريون قد أذاعت خبر انتخابه!!.

نزاهته:
نزاهته.. لا يمكن تصورها.. حتى في زمانه.

ـ لم يستغل البزاز المناصب التي شغلها لمصلحته الخاصة أبدأً..

ـ عاش طيلة حياته في دارها الوحيد التي شيدها في راغبة خاتون العام 1947.

ـ لا يملك أية عقارات أخرى.. ولا حساب مصرفي لا هو ولا زوجته.

ـ قضى فترة طويلة في المعتقلات والسجون والأبعاد السياسي في كل العهود.. فمن العام 1941 الى العام 1945 سجيناً في سجن نقرة السلمان.

ـ خلال السنوات: 1948.. و1956.. و 1969.. قضاها بين معتقل وسجين سياسي.

ـ لم يصرف له راتب تقاعدي منذ العام 1971.

ـ لم يكن البزاز متساهلاً مع المتلاعبين بالمال العام.. فقد أصدر قراراً بحجز أموال 21 شخصاً بتهمة التلاعب بأموال الدولة.. وجميعهم من المتعهدين والمقاولين لدى الدولة.

اعتقاله:

ـ أخيراً.. بعد سقوط نظام عبد الرحمن عارف بانقلاب 17 تموز 1968.. كان البزاز في لبنان.

ـ عاد للعراق العام 1969.. وفي الرابع والعشرين من كانون الثاني العام 1969 اعتقل في قصر النهاية.. بتهمة التآمر على السلطة.

ـ تعرض إثناء التحقيق معه للتعذيب الشديد.. من الضرب وقلع أظافر اليد والرجل.. والتجويع.. والتعطيش.. في سجنه بقصر النهاية.. حكم عليه بالسجن مدة 15 سنة.

نهاية الطريق

ـ العام 1971 أطلق سراحه.. بعد 20 يوما بالضبط تعرض البزاز إلى جلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة والنطق.. فسافر به أهله إلى لندن للعلاج ولم ينفع معه العلاج.. وقال الطاقم الطبي إن حالته ميئوس منها فرجع لبغداد.

ـ روى الدكتور حسن البزاز شقيق عبد الرحمن البزاز إن زوجة أحد رجال الأمن كانت تعمل مدرّسة في إحدى مدارس العاصمة بغداد.. وقد روَت لزميلة لها تربطها صلة قرابة بعائلة البزاز مؤكدة إن عبد الرحمن البزاز سيصاب بشلل تام.

ـ بيّن الدكتور حسن البزاز: إن حديث المدرّسة جاء بعد أيام على خروج البزاز من السجن مبيناً انه بعد عشرين يوما بالضبط أصيب البزاز بجلطة انتهت بإصابته بشلل تام نُقل على إثرها الى لندن للعلاج.

ـ تكفّل الرئيس معمر القذافي بعلاجه.. لكن الأطباء نصحوا بإعادته الى العراق.

– وفي يوم الخميس 27 جمادى الأول 1393هـ / 28 حزيران / يونيو / العام 1973.. توفي عالمنا الجليل.. ودفن في مقبرة الخيزران.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *