خان القتل والكآبة والحزن لا خان الذهب.
ينتظر العراقيون شهر رمضان من أجل الاستمتاع بعد الافطار بمتابعة مسلسلات رمضان ونتيجة لفشل القناة الناطقة باسم الدولة التي تكتظ بمئات العاملين الذين مهمتهم تلميع وجه الحكومات المتعاقبة وبالرغم من الميزانية الكبيرة المخصصة لها لكنها لم تستطيع منذ عقدين من الزمن أن تهتم بقطاع الانتاج واكتفت بمحاولات بائسة تدل على عقم القائمين عليها من إدارة هذه المؤسسة التي كانت في زمن النظام السابق ترفد السوق المحلية والعربية بانتاجها الذي تترك فيه بصمة واضحة أضف على ذلك فوضى القنوات العراقية التي مانجح منها سوى قنوات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في استقطاب نجوم الفن وتقديم أعمال بعضها كان جيدارخاصة في مجال الدراما الكوميدية والجادة وفشلت القنوات الأخرى التي لاهم لها سوى نشر اخبار ممولها ٢٤ ساعة.
وأكثر المتابعين كانوا على موعد مع مسلسل خان الذهب الذي بدأ بداية طبيعية ثم سرعان ما انحرف ليصبح مسلسلا للقتل والجريمة المنظمة والسقوط الاخلاقي والبكاء والعويل واللا منطق.
وكلما مرت حلقة كنا نتوقع القادم وظننا أن كل العاملين في المسلسل سيموتون كما يقول عادل إمام فعدد القتلى صار يزداد مع كل حلقة فموت سامي قفطان الأب ومن قبله زوجة أمير الأولى وجنينها ومن ثم قاتلهم ومن بعدها الذي قتلته حياة ومحاولة انتحار الطفلة نتيجة ابتزازها وفضحها وأمها التي لم يكن دورها إلا البكاء أما من الألم أو من المصائب ومن ثم محاولة قتل سالم حيث لا نعلم هل هو مات مع طفليه ومحاولة قتل زوجته اختها ومن ثم موتها محترقة. والأدهى والأمر إصابة هيثم بالسرطان كم التشاؤم في هذا المسلسل لا تطاق جعلتنا نصاب بكآبة مفرطة.
وعلى ما يبدو أن المخرج متأثر جدا بالافلام الهندية فلن يودع رتابة الدراما العراقية التي تتسم بالبطأ والمطاطية والبرود وأكثر من الدموع والبكاء واعتمد على موسيقى العود أو الكمان الحزين أو كلاهما.
طرح المسلسل مواضيع عدة مهمة منها الحسد والغيرة والجشع والابتزاز الإلكتروني ولكنه فشل في تحريك الشخوص فلم تمر حلقة إلا وقد ضاع نصفها بموسيقى بلا حوار ومبالغة في البكاء وتصرفات لا تمت للواقع بصلة فالجرائم التي ارتكبت مرت مرور الكرام وهي إساءة متعمدة لأجهزة الأمن التي تستطيع أن تصل لأي مجرم عن طريق كامرات المراقبة واجهزة الاستخبارات التي اثبتت جدارتها بالكشف عن عصابات الجريمة المنظمة فكل حوادث القتل قيدت ضد مجهول.
الموضوع الآخر مدى الوحشية والدموية والحقد الذي يعشعش في نفوس ابطال المسلسل الذين لم يشبعوا من سرقة واستيلاء على أموال ذوي القربى بل وقتلهم وقتل أحبابهم وهنا أيضا إساءة للمجتمع العراقي فمن غير المعقول أن تكون تلك صفات وأخلاق من يمتلك محلات ومعامل ذهب وهي يعيش حياة مترفة فما بالك بالفقراء والمعوزين!!!
الجهة الممولة للمسلسل هي قناة بعيدة كل البعد عن المجتمع العراقي والمؤلف على مايبدو مصاب بعقد نفسية شتى انعكست على المسلسل فالموضوع كان يعرض مشاكل عائلة واحدة وهناك اضافات جانبية لاضاعة وقت المسلسل وكان هناك تناقض واضح ما بين الواقع وما طرحه المسلسل اتضح من ازدواجية سامي قفطان عندما انقلب على ابنه الذي اراد الزواج بمن يحب وتواصلت الاخفاقات وكان ابرزها عندما تم الهجوم على امير باسلحة حادة واكتفت الأم بتركه ينام حتى الموت بلا اتصال باسعاف او طلب المساعدة من شرطة ولا حتى من أخيه سالم.
كان الأولى بالمؤلف ان يكون أكثر واقعية وهو يكتب عن مجتمع لمصلحة جهة ممولة خارجية فمن يتابع المسلسل من خارج العراق سيصدم من حجم التفاهة والاجرام والسفالة الذي عكسه المسلسل عن المجتمع العراقي نعلم أن الموضوع دراما ولكن المثقف هو مرآة مجتمعه واللجوء للتصفية والقتل للحصول على الثراء وقتل الأخ وزوجة الأخ والأخت بدم بارد هفوة كبيرة ارتكبها المؤلف وكان يستطيع اللجوء إلى اساليب أخرى.
بالرغم من نهر الدموع والدموع الذي سار به مركب هذا المسلسل فقد تعاطف المجتمع العراقي مع حياة المظلومة وأمير المذبوح بيد أخوه بلا ذنب ولا جريرة.
الدراما العراقية نتيجة ضعف الجهات التي تدعم الانتاج تراجعت كثيرا وتراجع معها عدد المؤلفين وكتاب السيناريو والحالة المادية للمثل تجعله يقبل أي عمل يعرض عليه الاعتماد على الشباب كان الحسنة الوحيدة في المسلسل الذي سلط الضوء على وجوه جديدة سيكون لها مستقبل واعد إذا ماتم استغلالها بصورة صحيحة وأغنية الراحل رياض أحمد بصوت ابنته رحمة رياض.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *