في كل مرة احاول فيها الاستمرار والاسترسال بقراءة المقال، يقاطعني اتصال جديد، ولانه ليس من عادتي وطباعي عدم الرد على المكالمات، اتوقف عن القراءة وارد على المكالمة، وبإستثناء واحدة، فلقد كانت جميعها تتعلق بنفس الموضوع، وهي عبارة عن استفسارات وتوضيحات لما يعنيه صاحب المقال المعنون ( انتظار المنقذ) فقد احتوى المضمون على ما جعل بعض المتلقين في حيرة، وأثار عندهم تساؤلات كثيرة ومثيرة، وفي الاتصال الاخير، وانا امسك بالقلم والدفتر، قلت لاحدهم، حسنا هذا أمر جيد أن يثير الكاتب المتلقي ويجعله مشاركا ومتفاعلا بهذا الشكل … وفي الحقيقة انا أيضا ومن خلال قرائتي الأول للمقال استغربت من طرح الكاتب المعلم البصير، فها هو المقال وكل ما حوله من أراء وتعليقات أمامي على الشاشة … يقول الكاتب، ان المنقذ هو حاجة ومطلب للمستضعفين والضعفاء، للمؤمنين والفاسقين، للمصلحين والفاسدين، للمفلحين والفاشلين، وانه لا بد من التوضيح بين الامرين، ويقول الكاتب، ولكن قبل ذلك يجب ان نيين الفارق بين الضعيف والمستضعف، فالبرغم من تكون الكلتمين من نفس المادة، الا انهما يختلفان بشكل جذري في المعنى والاتجاه وواقع الحال، فالمستضعف شجاع وقوي يحرص على المصلحة العامة في وسط يحاول النيل منها، والضعيف خاوي متهاوي ركن لمصلحته مع الشيطان … تعبت قليلا، وقد كان عليه أن اقوم
بتقريب النص، من خلال تكبيره على الشاشة، لاستمر بالقراءة، وهنا يقول الكاتب، كما هو الفارق في الجوهر بين الحليم والجبان، على الرغم من التشابه في المظهر، فالحليم إنسان حريص على المصلحة العامة، اما الجبان فهو من يحرص على مصلحة خاصة، ولو كان ثمنها كرامته … وبعد الاسترسال بقرائة المقال، يقول، ان منقذ المؤمنين مهدي ومنقذ الفاسقين مردي، منقذ المصلحين يريد الإصلاح، ومنقذ الفاسدين يزين لهم الفساد، ويضعف اي نية للهداية ويزيد الضلال والغواية … ثم يأتي بشاهد آية كريمة …

بسم الله الرحمن الرحيم
“وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ” … صدق الله العلي العظيم

بعيدا عن أراء من يوقفون النص القرأني عند زمن وأسباب النزول، فإنني أؤكد واقول، ان ما فيه من طاقة تمتد به إلى أوسع الآفاق، وهذا النص يوضح لنا بدقة ما عمل عليه الشيطان من نشر للباطل، فإن أتباع الشيطان يحرصون كل الحرص على نشر واتساع الفساد والفشل، يتبارون ويسارعون لنشر وتوزيع كل ما هو سيء، ويتجاهلون ويتضايقون من كل ما هو حسن، وأنهم ان لم يجدوا سيئة، سيفبركونها، ويتطيرون ممن يريد التأكد والتبين … فصار الإصلاح عند أتباع الشيطان والمفسدين والفاشلين، بأن يبحث الكاذب عن الاكذب، والخائن عن الأخون، والمجرم عن الأكثر في الإجرام، وهكذا يعمل الفساد على الافساد، فصارت الرذيلة وبقائها هي المنقذ لاهل الفساد والفشل، فبدونها لا حجة لهم، يفرحون بما يسيء ويغتاظون اذا تم نفيها، ثم يكمل، ويقول … لو راجعنا التأريخ لو وجدنا أن العراق شهد التمرد ضد الإصلاح الذي بدأه الإمام علي عليه السلام واصراره على احقاق الحق وتطبيق العدالة، فسجلت ذاكرة التأريخ أن المصلح يقتل، ولكن ليس كل مقتول مصلحا وإنما كل مصلح يقتل … اكملت المقال ولكن لم يسعفن الوقت ولا طاقتي على مراجعة التعليقات، وقد كان فيها ومنها كما هو الحال ما هو جميل وممتع، ويعبر عن شخصيته صاحب التعليق ونصيبه من العلم والمعرفة وقدرته على توظيفها، وعلى العكس مع غيرها …

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *