الكاتب جواد البولاني
قليلة هي الشخصيات التي تصنع يقضة دينية في المجتمعات على مر التاريخ، لاسيما اذا كان هذا النهج يتعارض سياسيا ودينيا مع السلطة الحاكمة،
بشهادة المؤرخين المعاصرين كان الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) علامة فارقة في تاريخ العراق الحديث،
الصدر الثاني خلال سنوات حياته التي لم تتعد ال56 عاما، كان منهجا اصلاحيا، ملأ الثقافة الإسلامية علماً وفقهاً،
عندما ندرس الممارسه الثورية لهذا العالم العامل، نجده يمتلك حضوراً واسعاً، عبر حضوره العلمي والديني من جهة، ومن خلال صلاة الجمعة من جهة اخرى،
ولعل أبرز ما اشتهر به هو اقامته صلاة الجمعة وتصديه بنفسه لإمامتها في مسجد الكوفة، واصرعلى تعميم اقامتها بمختلف مساجد العراق، وهو حدث لم يشهده تاريخ العراق الديني والسياسي منذ حقبة طويلة،
خطوة جريئة بدء منها تاسيس منبر إعلامي يتجاوز المحذور ويتناول المسكوت عنه،
الصدركان قائدا شعبيا، عمل وحيدا على بناء مرجعية دينية جماهيريه قريبة من الناس، ممهدا لحوزة علمية تعمل في صفوف المجتمع بطبقاته وفئاته، بالتزامن مع حاجة الناس الى قيادة جريئة لا تخشى الممنوع!
تجاوز الحدود بنشاطه الديني والسياسي، وهو ما دفع النظام الاستبدادي لاغتياله ونجليه، مساء الجمعة التاسع عشرمن شباط عام 1999، عند عودته من مكتبه في النجف الاشرف إلى داره في الحنانه.
قضى هذا العالم الجليل نحبه،ورحل عن عالمنا، لكن ذكره باق في قلوب انصاره واتباعه، لانه رجل (تحول )الى مشروع يعارض الظلم
ترك الصدرالثاني خلفه ارثا علميا تضمن بحوثا ومؤلفات غزيرة يتقدمها، ما وراء الفقه (10 أجزاء)، والموسوعة المهدوية (4 اجزاء)، ومنهج الأصول (5أجزاء)، منة المنان في الدفاع عن القرآن (5 أجزاء)، ومنهج الصالحين(5 اجزاء)، وكتاب البيع (11 جزءا) ،وفقه العشائر، وأصول علم الأصول، وعشرات المولفاتالتي لا يتسع البحث لذكرها،
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.