لكم كنت مغفلاً !!
اعترف بملء الفم .. والعقل.. والشعور، اعترف لكم بلا خجل او وجل في لحظة صدق مع الذات :
كنت واحدا ممن صفق للمحتل حالما وطأَ بسطاله ارضنا الطهور، كنت ضمن كثيرين.. كثيرين جدا استبشرنا خيرا بالخلاص من الطاغية الذي سامنا سوء العذاب والخوف والقهر والجوع والذل. كنت اقول ليأتي الخلاص ولو على يد الشيطان … وها قد جاء الشيطان.. بهيئة امريكان !!. كنت اعرف انه لم يأتِ لسواد عيوننا .. بل لسواد بترولنا، لكني – والكثيرين – كنت اُمنّي النفس بأنّ المصالح ستتسيد في النهاية كما في لعبة السياسة .. هات وخذ.. نمنح البترول والثروات مقابل الامن والامان والرفاه والرخاء.. والديمقراطية. لهم ما لهم.. ولنا ما لنا .. من مالنا. هكذا المعادلة بكل بساطة، كنت اظن انّ المصالح ستسود.. ولم اعرف بأن ايامنا ستسّود … لم احسبها صح.
ما كنت احسب اننا سنعطي كل شيء من دون ان نجني اي شيء … لا بل جنينا .. جنينا التدمير والتفجير والتهجير.. والفوضى واللصوصية والفساد والعمالة والخيانة. بذلنا دماء بلا رخاء .. وأعمار بلا إعمار. اعطينا النفط ونلنا (اللفط) والشفط .. اعطينا العراق ونلنا سرّاق .. اعطينا حلم ونلنا وهم .. اعطينا وطن ونلنا وثن !!. ولا كنت اظن بأننا سندفع الثمن من دمائنا.. ودموعنا.. ووطنيتنا.. وعروبتنا.. وهويتنا، وأننا سنكون البلد المتذيل لكل قوائم التصنيف في العالم، وسنكون خارج الحسابات.. والمعادلات … وخارج التاريخ.
ولا كنت ادري بأنّ الدولة ستستحيل دويلات .. والشعب لمكونات .. والطاغية لطغاة .. والهوية الوطنية لهويات .. والولاء للوطن لولاءات.. خارجية، والحزب الحاكم لأحزاب الخراب … والكلب الواحد لكلاب !!. وأنّ العَمالة باتت شرف.. والوطنية ترف، واللصوصية اضحت فَخار.. والشرف عار، والغيلة شجاعة .. والتدليس براعة، ولا كنت اخالُ يوما بأني سأخجل لكوني عراقي … وسأرفع بدل رأسي ساقي !!!.
وها قد مر عقدان على (السقوط) وكأني بالسقوط هو سقوط ورقة التوت عنا فأرتنا عوراتنا.. كل عوراتنا وما عادت اية ورقة تبرير تنفع لسترها. وهأنذا ارتقي قطار الندم مع النادمين.. الخيبة من ورائنا.. والهاوية امامنا من دون أن يحق لنا التذمر حتى او الشكوى… فلا عزاء للمغفلين !!.
{ كاتب واكاديمي