-1-
حُسْنُ الجوار من السجايا الحميدة التي دأب ذوو الحس الانساني الرفيع على الالتزام بها .
وقد حَثَّ الاسلامُ على رعاية الجار، وحسن الجوار، وروى عنه (ص) انه قال ما مؤداه :
{ ما زال جبرئيل يُوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سَيُورِثُهُ }
-2-
وتتعمق الصلات والروابط بين الأطياب من الجيران الى حَدٍّ قد تفوق به الصلات مع الأرحام وذوي القربى .
-3-
وغالباً ما يتوخى الانسانُ مجاورةَ الكرام من الناس ، ذلك أنَّ مجاورة اللئام مثيرة للكثير مِنْ المتاعب والمصاعب حتى قال الشاعر :
جاورتُ أعدائي وجاورَ رَبَّهُ
شتانَ بينَ جوارِهِ وجِواري
-4-
وقد قرأت اليوم خبراً طريفاً سرّني كثيراً حيث كشف عن أنَّ هناك مَنْ يحرص على أنْ يكون جاراً مُريحاً لجيرانه، ومبتعداً عن إزعاجهم، في منحى يُشعر برصيده الاخلاقي، الذي لابُدَّ أنْ نحييه عليه حيث أنّ الاخلاق الحسنة هي صمّام الأمان وبها يبلغ المجتمع ما يتوخاه من وئام وسلام .
وكما قال الشاعر :
وانما الامم الاخلاق ما بقيتْ
فانْ هُمُ ذهبتُ أخلاقهُم ذَهَبُوا
-5-
لقد كتب احد الاطياب البصريين لوحة وعلقها على جدار بيته الذي شيّده حديثاً يعتذر فيها من جيرانه لما سبّبه لهم من إزعاج أثناء بناء الدار ، معترفاً بحقوق الجار ومتعهداً بالحفاظ عليها .
انّك اذا تأملت ما كَتَبَهُ هذا البصري الطيبّ بامعان تجد أنَّ اعتذاره منهم لا يخرج عن رسالة تطمين لهم بانه سيكون لهم الجار الصالح الحريص على ان تكون علاقته بهم صافية من دون أنْ تكدرها الشوائب .
وهذا التعهد الاخلاقي يحمل في طياته ما يحمل مِنْ حُسنِ الاخلاق وطِيب التعامل والحفاظ على القيم والاعراف الكريمة .
وهو بهذا يصبح قدوةً للآخرين ومشجعا لهم على أنْ يكونوا مِثْلَه في الحرص على مداراة جيرانهم .
-6-
ومن نافلة القول التأكيد على أنّ الدين المعاملة، فقد يكونُ شخصٌ ما كثيرَ الالتزام بالطقوس العبادية ولكنَّه ليس ممن يحرص على سلامة تعامله مع اهله وجيرانه وناسه من الشوائب معتقداً أنّ المهم أداء الطقوس وغافلا عن الاهمية الاستثنائية لحسن التعامل مع الناس .
وهنا تكمن العظة .