السياسة فن إدارة المصالح المتعلقة بالسلطة والحكم، مستوى الجهل لدى الفرد والمجتمعات بعلم السياسة، ينبع من التصورات اللا علمية لها، التصورات اللا علمية تقود الى العشوائية، وهذا هو التفسير الوحيد، لفشل وغياب فاعلية المؤسسات السياسية، لأن السياسة هنا تورث رابطتها للفرد بالقرابة وليس بالعلم والتخصص، هذا مع الجهل بطبيعة السياسة بإعتبارها علما، لأن إنشاء علم للسياسة من أكثر المهام الفكرية إلحاحا في وقتنا الحالي
السياسة نشاط فكري؛ يتم من خلاله العمل بطريقة عقلانية، على تسيير القضايا السياسية والقانونية والاجتماعية، مع تحقيق مصالح الدولة والمجتمع.
السمة الأساسية للسياسة، تتمثل في التفكير العميق، الذي ينبغي أن يكون طابعا لكل سياسي، يبحث عن ماهية صنع القرار، الذي من خلاله يستطيع بطريقة علمية، أن يخدم المجتمع بصورة أساسية؛ مع الأخذ بعين الإعتبار؛ أن السياسة إذا لم تهيئ لها الأرضية المناسبة، فمآلها الفشل لا محالة.
السياسة في العراق على وجه الخصوص، تشهد كثير من الفوضوية التي يعيشها المجتمع، مع غياب شبه تام لمفهوم السياسة كعلم، ، طابعها الرئيسي الوعود الكاذبة، وتتعدى الواقع الذي تخرج منه، وتتنافى مع الواقع الاجتماعي، لتصل إلى عالم اللامعقول.
كل طريق يراها السياسي ملاذا لإشباع رغبات ذاتية، يتخذها جوهرا ماديا تغيب فيه الأخلاق وتنعدم، ويبدأ الضمير الإنساني بالتقلّص، مع غياب شبه تام للقيم والمفاهيم، وكل طريق يوصل السياسي الى الكرسي مشروع..!
في هذا الصدد فإن أطروحات ميكافيلي في معظمها، تدور حول سيادة المصلحة ومحاولة تحقيقها بأية وسيلة، بصرفالنظر عن مدى أخلاقياتها، لأنه يرى بأن السياسة ينبغي أن تخلو من أي مسحة أخلاقية؛ والنتاج هو الفوضوية التي هي في غاية البشاعة.
إن الأخلاق السياسية؛ صورة لابد من أن تتجسد في عقيدة السياسيين، لأنها هي القيمة التي تعبر عن الإنسان؛ وعن المجتمع الذي يتمثل في الفرد، كذلك الرادع للسياسي من الإنحراف عن المنظومة السياسية الاجتماعية، مع التقيد بتلك المنظومة.
حين تكون الأخلاق حاضرة؛ يصبح الحاكم يصارع المستقبل بقواعد أخلاقية ضابطة لسلوكه، وتصرفاته، ولصيقة بسلووكه، لأنها تخضع لمعايير أخلاقية في اللاوعي.
ليس ثمة من نبض حياة للسياسة، وتبدو الصورة عبثية ما من مبرر لاستمرارهما، ما لم تهيأ لها الأرضية المناسبة،وذلك يتمثل في نظرة المجتمع السلبية لمن يزاولها، ونظرة الفرد نفسه لها، كأنها أصبحت فقط مجالا لتضييع الوقت لا أكثر، من هنا فقد المجتمع الثقة في السياسيين، وضاع مفهوم السياسة.
حين تفقد السياسة قيمتها، تصبح ضربا من كلام فارغ ، لايعبر إلا عن قراءة حكيمة للواقع القريب أو البعيد، الأمر الذي يجهض تفكير المجتمع، مع انتظار نتيجة هذه القراءات، التي يستغل فيها السياسي المجتمع، إلى أن يصل إلى مكانة أعلى من هرم السلطة، ومثال السيد مصطفى الكاظمي ومحمد الحلبوسي وآخرين كثر ليس بعيد، حيث أصبحت السياسة عندنا في العراق، حصان لكل عاطل عن العمل، أو شخص فشل في تعليمه، أو في إيجاد وظيفة ما، أو لأسباب فئوية أو قبلية أو جهوية أو مكوناتية..
إن التفكير السياسي ليس وليد الفراغ، بل هو نتاج لتراكمات عديدة من التجارب، وهذا التخبط الذي نعيشه، هو ما يفسر إقبال غير المتخصصين في السياسة إلى ميدانها، لأنهم لا يعدونها مبنية على معطيات علمية وموضوعية، مع أن العكس صحيح.
السياسة هي إنتاج الأفكار، التي من خلالها يمكن النهوض بالمجتمعات؛ نحو التقدم والازدهار، وهي النهوض من عبث الماضي ومخلفاته، وهي القدرة على تعبئة موارد المجتمع، لبلوغ الأهداف الوطنية الكبرى؛ لبناء مجتمع الكفاية والعدل..
اين نحن من هذا التصور، لكن المتحقق لحد الآن هو أننا وضعنا أطراف اصابع اقدامنا على اول الطريق..!