مشهد رعب من (الزمن الجميل)
تمر علينا اليوم ذكرى جريمة الابادة الجماعية لمدينة الدجيل في عامها التاسع والثلاثين.
وقد تفنن الطاغية صدام وجلادوه في ايقاع الاذى لأهل هذه المدينة الشجاعة وهم الذين قد كسروا حاجز الخوف وقرر ابطالهم من خيرة الشباب أن ينقذوا العراق من كابوس حكمه الاسود..
فشلت عملية الاغتيال ولكنه لم يتراجع عن فكرة ابادة عشائر بأكملها وبأساليب يندى لها جبين الانسانية ..
واستذكارا لصبر اهلنا من عوائل الدجيل نعرج على بعض منها ونذكر من لم يعرف أو نسي ما كان يجري على أيدي أزلام صدام ومرتزقته.
سجنت العوائل في سجن ابي غريب كمحطة من محطات الاعتقال العديدة، وعاشت شظف العيش والرعب بكل انواعه في برنامج معد لكل فئة عمرية، وللأطفال خصصوا اسلوبا وحشيا قد لا يصدقه احد ..
كان هناك وقت محدد يوميا يتم فيه سحب الاطفال من أحضان أمهاتهم الى غرفة مرعبة تتعالى فيها اصوات كانها اشباح تبث من مكبرة صوت ضخمة لا تتناسب ومساحة الغرفة الصغيرة، وبذلك يكون الصوت ذو ترددات عالية تقشعر له الابدان، ولى الحدران قد علقوا رؤوس دمى مرعبة لوحوش وجماجم وفي الاثناء تتناوب الوان الانارة الحمراء بين الغلق والاشتعال للمزيد من الرعب، والأدهى والامر ان الاطفال صاروا يعلمون الى اين ياخذونهم ” فزاع الجهال ”
حيث يخطف الجلادون هؤلاء الصغار ويدخلونهم الغرفة ويغلقون الباب، تمتزج اصوات استغاثتهم المذبوحة يوميا على ايدي جلاديهم وتبح حناجرهم من حشرجات البكاء والخوف وتبقى العوائل بأكملها في حالة هلع ونحيب تصل احيانا الى ساعة كاملة، حتى يخرجوهم وسط ضحكات هازئة بهم وكأنهم يشبعون رغبتهم السادية لأذى الاخرين وان كانوا صغارا، بينما الاطفال في الرمق الاخير ..
طيلة بقائهم تتكرر هذه الوحشية بحق الطفولة كل يوم، حتى صعب الامر على الجلادين وهم يرون الصغار يتشبثون بأمهاتهم ومنهم من يختبيء تحت ثوبها، وفي المرحاض لكنه لا يسلم من أياديهم الاثيمة .
من سن هكذا عقاب ؟!
وهل علم حينها بأن الله يسمع ويرى ؟!
سؤال ظل يراودني منذ استمعت للقصة قبل أعوام وبلسان احدى الناجيات وهي ماتزال تشعر بالخوف وقد بلغت من العمر اربعين عاما وصارت أما لبنين وبنات .
نعم هكذا هو البعث الذي رفع شعار الوحدة والحرية والاشتراكية ..
ولم يطبق فيها الا القمع والدمار ويعيث في الارض الفساد ويهلك الحرث والنسل دون وازع من ضمير ..
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ.