ـ شخصية غامضة.. مناور.. كذاب.. محتال.. مغرور.

ـ مصلحته أهم من كل شيء.. لا يملك ذرة من الإنسانية.. التي يتمشدق بها.

ـ مجرم حتى الثمالة.. درس الكيمياء في كلية التربية كي يتعلم صناعة المفرقعات وقنابل المولوتوف.. ليستخدمها في نشاطاته الإجرامية.

ـ كان على رأس كل عمل هجومي أو انتحاري للبعث.. له ارتباطات بالمخابرات البريطانية.. ومازال الى اليوم يعيش هو وأسرته في بريطانيا.

ـ بدأ حياته السياسية بصداقة الإخوان المسلمين.. ثم تحول الى الاتجاه القومي فانضم الى حزب الاستقلال.

ـ العام 1952 انضم الى حزب البعث.. وفي تشرين الثاني / نوفمبر من نفس العام.. شارك البعثيون في انتفاضة تشرين الثاني ليكون أحد المعتقلين من تلك التظاهرات.

ـ أصبح من أشد البعثيين تحمساً وفداءً للحزب.. تقدم حازم بالحزب بسرعة.

ـ طُرد من كلية التربية ليتفرغ للحزب تفرغاً كاملاً.

السيرة والتكوين:

ـ ولد حازم جواد العارضي في مدينة الناصرية في أيار العام 1936.. وهو ابن خالة فؤاد ألركابي أحد مؤسسي حزب البعث في العراق.

ـ كان أبوه فقيراً يشتغل بتكفين الموتى.. وتأدية طقوس العزاء للناس.

ـ أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في الناصرية.. والثانوية بالإعدادية المركزية ببغداد.. وانخرط في دار المعلمين العالية.. (كلية التربية لاحقاً).

ـ طرد من دار المعلمين لأسباب سياسية.. ولم يكمل دراسته الجامعية.

ـ متزوج من عضوة الحزب معينة نايف الغنام.. ولهما ابنة اسمها (سفانه).

ـ اعتقل حازم 4 مرات في العهد الملكي.. وبعد ثورة 14 تموز 1958 أصبح مسؤولاً للمكتب العسكري للبعث.

ـ بعد فشل محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم من قبل البعث في 7 / 10 / 1959 هربً فؤاد ألركابي أمين سر قيادة هذا الحزب والمخطط لتلك المحاولة الى سورية فمصر.. كما هربت بقية قيادة البعث ومن ضمنهم حازم جواد.

ـ بعد أشهر كلفت قيادة البعث القومية حازم جواد بإعادة بناء الحزب وقيادته.. فعاد حازم ورفاقه في القيادة كل من: فيصل حبيب الخيزران المحامي.. وطالب شبيب.. ثم علي صالح السعدي الذي توثقّت علاقته وتوطّدت مع حازم.. ولما كان السعدي اقرب الى حياة التشرد والشقاوة فقد غدا في سلم الأولوية.

ـ هؤلاء الأربعة من المدنيين اختلفت جذورهم ومنابتهم وانتماءاتهم لكي يجمعهم حزب يعيش على فتات القوميين والحركيين والناصريين.. لكنه عشعش في مناطق محددة ومعروفة في العراق خصوصاً في العاصمة بغداد.

حازم جواد.. وعائلة عبد الكريم قاسم:

ـ روى لي: (أنا كتاب هذه الدراسة.. د. هادي حسن عليوي).. مؤيد محمد صالح ابن شقيقة الزعيم عبد الكريم قاسم معرفتهم بحازم جواد.. قائلاً:

ـ “تعود معرفتنا كعائلة للزعيم عبد الكريم قاسم بحازم جواد وعائلته قبل ثورة 14 تموز يوم جاؤوا الى محلة المهدية عائلة فقيرة الحال من الناصرية لتسكن في تلك المنطقة والى جوارنا.

– وعندما كان عبد الكريم قاسم يعود الى الدار في أيام إجازاته الرسمية.. وهو برتبة مقدم ركن كان يسأل والدتي باستمرار عن عوائل ضعيفة الحال في المنطقة يمكن له أن يساعدهم من خلال توزيع أجزاء من راتبه عليهم!!

ـ كانت والدتي (والحديث ما زال لمؤيد) تشير له بأن عائلة حازم جواد هم من أوائل المحتاجين.. وبالتالي كان يصلهم من راتب الزعيم ما يعينهم على ظروف الحياة الصعبة يومها.

– وتمكن حازم وأخاه كاظم من إكمال دراستهم الابتدائية والثانوية”!!

ـ يضيف مؤيد قائلاً: “بعد انقلاب 8 شباط نُهب دارنا وحولوه الى مركز للحرس القومي.

ـ واعتقل أخي الأكبر (صبحي).. ذهبتُ الى (حازم جواد)..الذي أصبح مسؤولاً متأملاً منه خيراً لعله يدلنا على مكان اعتقال أخي.. أو ما جرى له ولعله يضع بنظر الاعتبار ما يربطنا به سابقاً.. فما كان منه إلا أن رفض حتى إخبارنا بمكان اعتقال أخي.. لا بل نهرنا واخبرنا بعدم مراجعتنا له ثانيةً!!”.

دوره.. في انقلاب شباط 1963:

ـ أواخر العام 1960 أعتقل حازم.. وأفرج عنه بعد سنة أثر العفو الذي أصدره عبد الكريم قاسم (رئيس الوزراء).

ـ في إثناء تواجده في السجن تولى علي صالح السعدي قيادة الحزب.. وقبيل أيام من انقلاب 8 شباط 1963 أعتقل المقدم صالح مهدي عماش في 2/ 2/ 1963.. وبعد ثلاثة أيام أعتقل علي صالح السعدي أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث.. وكريم محمود شنتاف عضو قيادة هذا الحزب للتحقيق معهم حول مؤامرة يخططون لها ضد نظام قاسم.

ـ فاستعجل البعثيون ونفذوا انقلابهم قبل انكشافه للسلطة.. الذي كانت انطلاقته تحليق طائرة النقيب منذر الونداوي فوق كتيبة الدبابات الرابعة.

ـ لتنطلق الزمر الحزبية في التنفيذ.. وكانت المجموعة الأولى بقيادة حازم جواد ومهمتها السيطرة على مرسلات الإذاعة في منطقة أبو غريب.. وفعلاً سيطرت المجموعة على أفراد الحراسة ودخلوا المحطة.. وأذاع حازم جواد البيان الأول للانقلاب.

حازم جواد.. وإبادة الشيوعيين:

ـ كان البيان (13) بصيغته الأولى (إبادة الفوضويين).. لكن طالب شبيب رفض ذلك مؤكداً على (إبادة الشيوعيين) حتى لا تحدث فوضى.. وقد تكون المقاومة ضدهم من كل الشعب.. خشية من حدوث ضجة في المستقبل.. وأصر طالب شبيب على ابقاء كلمة الشيوعيين.

ـ اعتراض حازم جواد ليس على القتل.. والدماء.. والإنسان الذي يستباح كليا في العراق.. إنما كان يختلف في تسمية من يتم إعدامهم بالفوضويين بدلاً من الشيوعيين.

حازم جواد.. وقصر النهاية:

ـ كان حازم جواد من بين أبرز القياديين في قصر النهاية بعد علي صالح السعدي.. وكان يقوم بالتحقيق مع القياديين في الحزب الشيوعي مستخدماً كل أساليب التعذيب حتى في بتر أجزاء من جسم الضحية.. وسلخ جلود السجناء.. وقلع الأظافر.. والعيون.. وتكسير الأضلع.. ليعترفوا.. إنه قاتل لا يوازيه حتى ناظم كزار.. فيما بعد.

ـ أصبح حازم جواد.. وزيراً للدولة لشؤون رئاسة الجمهورية منذ 8 شباط 1963.

– وفي أيار 1963 أعفي حازم جواد من منصب وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية.. وعين وزيراً للداخلية بدلاً من علي صالح السعدي الذي عين وزيراً للإرشاد.

المؤتمر القطري الاستثنائي:

ـ يحدثنا طالب شبيب (عضو القيادة القطرية ووزير خارجية الانقلاب) عن أوضاع الحزب والجيش قبيل انعقاد مؤتمر البعث الاستثنائي قائلاً:

ـ “عدتُ من نيويورك الى بغداد عن طريق لندن ووصلتها في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر / 1963.. وفي المطار فوجئتُ باستقبال غير مألوف ومعد سلفاً.. فلم أكن أتوقع أن أجده.

– فضلاً عن موظفي وزارة الخارجية كان هناك حوالي ستين ضابطاً بعثياً يشغلون اخطر المناصب ومراتب الجيش بينهم: رئيس الأركان.. وآمر الانضباط العسكري.. وقادة كتائب الدبابات الأربعة.. وهي القوة الوحيدة القادرة على حسم أي نزاع عسكري في بغداد.

ـ عندما انتهى الاستقبال أوصلني حازم جواد بسيارته الى منزلي.

– وفي الطريق سألته عن معنى حضور كل هؤلاء الضباط قال: إن الوضع داخل القوات المسلحة لم يعد يطاق.

– وان طلب عودتك لم يكن رغبة شخصية مني فقط.. وإنما سعى إليها عدد كبير من كوادر الحزب المتفهمين (المدنيين والعسكريين).. الذين أصبحوا مقتنعين بضرورة التغيير.

– وأضاف حازم: كن واثقاً إن الضباط بحضورهم الى المطار أرادوا إبلاغك بصراحة بان الوضع بات غير مقبول.

– وبالنسبة للقيادة القطرية فلم تجتمع ولا مرة واحدة ولا يمكن بتركيبتها الحالية أن تجتمع.

– حينذاك أدركتُ واقتنعتُ انه لابد من تحمل المسؤولية.. ووضع علاج معين وعدم الاستسلام للفوضى”.

ـ لم يكن كما بدى لي في ذهن حازم أي حل جاهز.. “ولم أكن .. كما يقول شبيب.. حتى ذلك الوقت قد فكرت بحل أو مخرج.

– ويضيف طالب شبيب قائلاً: قبل مغادرته اخبرني حازم جواد بان صالح مهدي عماش (وزير الدفاع).. يلعب بخبث لعبة مزدوجة.

– ويحاول إقناعنا وإقناع نفسه بإمكان ولاء أكثرية القيادة القطرية.. التي ستتمخض عن مؤتمر قطري استثنائي أو تكميلي بعد إضافة عدد من العسكريين إليه.. فنمتلك الأكثرية.. ونعيد انتخاب قيادة تكون أكثريتها الجديدة موالية.

– حينذاك سيكون ممكناً اتخاذ قرار بإخراج علي صالح السعدي من المسؤولية ونعيد تنظيم الحرس القومي.. وفق ما نجده مناسباً ووفق ما يدور ألان في أذهاننا حول مهماته وواجباته.

– وبالفعل زارني عماش في اليوم التالي وقال: إن القيادة لم تجتمع.. والتذمر يتسع بين الضباط الذين بدأوا لأول مرة يشعرون إنهم يمتلكون الشجاعة والحرية لإبلاغ القيادة القطرية للحزب بما يدور بخلدهم وبمعاناتهم بكل صراحة وأمانة ودون خوف.

– وهم ألان يختلفون عن المدنيين الذين يخافون من بطش وانتقام علي صالح السعدي والحرس القومي إذا ما عبروا عن استيائهم وآرائهم.

– وانه كوزير للدفاع يبلغني أن وضع الجيش لم يعد يحتمل.. ولا بد من ضبط الحرس القومي وإعادة تنظيمه بطريقة مناسبة.. وليس أمامنا غير عقد مؤتمر قطري.. وإضافة أعضاء مناسبين إليه.

– تأكد يا طالب إن عدداً كبيراً من كوادر الحزب سيتعاونون مع قيادة قطرية عقلانية”.

ـ ويضيف طالب شبيب قائلاً: “كان عماش يبادل علي صالح السعدي العداوة.. ويؤكد له باستمرار (أنت بيت الداء).

– لكني لم أكن متأكداً من إخلاصه لما يقوله.. ولم أثق بقدراته في إخراج مثل هذا الأمر إخراجاً حزبياً سليماً.

– ولم أثق بمجيء قيادة يمكنها أن تمس ظفراً من علي صالح السعدي ناهيك عن إبعاده.

– ويضيف شبيب: كنتُ أرى إن أهداف عماش تدور حول.. أولاً: رغبته في عقد المؤتمر التكميلي وتوسيع القيادة ليفوز بمقعد فيها.. ومبرره انه وزير الدفاع وممثل العسكريين.

– ثانياً: الاستفادة من بقاء خطين متواجهين داخل القيادة القطرية.. ليلعب كما هو حاله ألان دور الوسيط الوسط”.

انعقاد المؤتمر:
– بعد انتهاء المؤتمر القومي السادس للبعث في دمشق ـ 5 ـ 23/ تشرين الاول 1963.

– وعودة أعضاء الوفد الحزبي العراقي الى بغداد.. وفي ظل هذه الأجواء المتوترة كلفت القيادة القطرية عضوها هاني الفكيكي “رئيس المؤتمر القطري الخامس” بالدعوة الى عقد دورة استثنائية للمؤتمر لاستعراض قرارات المؤتمر القومي السادس.. وإضافة أعضاء عسكريين جدد الى المؤتمر القطري.

– وإجراء انتخابات تكميلية لإضافة خمسة أعضاء الى القيادة القطرية.. وتقرر عقد هذا المؤتمر يوم 11 / 11 / 1963.

ـ يتحدث هاني الفكيكي في كتابه (أوكار الهزيمة) قائلاً: “كان موعد الاجتماع الساعة السادسة مساءً في بناية المجلس الوطني.

– وعند بدء الجلسة قرأتُ برقية عفلق.. وطلبتُ من المؤتمر اتخاذ القرار الذي يرتأيه.. وبعد نقاش تقليدي شابه الكثير من إضاعة الوقت قرر المؤتمر الاستمرار في جدول أعماله.

– كان جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة ما عدا عبد السلام عارف أعضاء في المؤتمر القطري.

يتبع

ـ لفت نظري وجود طالب شبيب وعودته الى بغداد قبل الموعد المتوقع حيث كان في نيويورك.. فسألتُ البكر وعماش قبل بدء الجلسة إن كانوا اعدوا قائمة الضباط المطلوب إضافتهم الى المؤتمر.

– إلا إن البكر طلب تأجيل ذلك لجلسة مقبلة.. وبعد تقديمي كلمة موجزة عن أعمال المؤتمر القومي السادس.

– أثيرت تساؤلات عدة انصب أكثرها حول علاقة الحزب بالحكم والتعديلات التي أجريت على النظام الداخلي.. والخطوات العملية التي ستسبق قيام دولة الوحدة.

– واستغرق ذلك قرابة ساعة واحدة.. أعلنتُ بعدها فتح باب الترشيح للانتخابات التكميلية”.

الهجوم المسلح:

ـ يضيف الفكيكي قائلاً: وفيما كنا نسجل أسماء المرشحين اندفع الى قاعة الاجتماع عشرات الجنود المدججين بالسلاح وعشرات الضباط يتقدمهم المقدم محمد حسين المهداوي الملحق العسكري في دمشق شاهرين رشاشاتهم هاتفين بشعار الحزب.

ـ كان مشهداً مضحكاً أن أرى العميد رشيد مصلح ملوحاً برشاشه ومردداً: (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة).

– في هذه اللحظة بالذات خاطبتُ البكر بلغة العيون فتجنب نظراتي.

– ويضيف الفكيكي قائلاً: في الواقع كان المشهد كله مضحكاً شلة من الضباط لا يجمعهم جامع سوى العداء لقاسم والشيوعية.

– ارتدوا بزة الحزب للتخلص منا ومن الحزب معاً وهاهم ينجحون في ذلك.

ـ لكن الغريب في الأمر إنهم شاركونا النسب ألبعثي ونابذوا من داخله.. وكان تمسكهم بالبعث.. وهم يهاجمون مؤتمره القطري المشهد الأخير من مسرحية.

– لا علاقة لها بصراعنا مع حازم جواد.. كان المقدم علي عريم.. والمقدم فهد جواد الميرة.. والمقدم صلاح الطبقجلي.. والمقدم محي محمود.. والمقدم زكريا السامرائي.. والعقيد سعيد صليبي.. والمقدم حميد السراج.. والمقدم منعم حميد.. والمقدم الطيار حسين حياوي.. والمقدم جميل صبري.. والرائد عبد الله مجيد المرافق الأقدم لعبد السلام عارف.. والمقدم حميد التكريتي المرافق الأقدم للبكر.. والنقيب الاحتياط عزيز شهاب.. وآخرون كثيرون بلغوا الأربعين ضابطاً.

ـ انتشر الجنود في أرجاء القاعة على أتم الاستعداد الميداني.. ثم تقدم المهداوي وسط القاعة قائلاً: جئتُ من دمشق.. واتفقتُ مع الأستاذ ميشيل عفلق الأمين العام للحزب على ضرورة اقتلاع بؤر الفساد والانحراف من الحزب ومـا يجـري هنـا ألان يجـري مثيله فـي دمشق.

انتخاب قيادة جديدة للحزب:

ـ يقول هادي خماس مدير الاستخبارات العسكرية آنذاك: “كانت تصرفات الحرس القومي المحسوب على جماعة علي صالح والمؤيد القوي له.. صيداً ثميناً لجماعة حازم جواد فأخذوا ينتقدونها سراً وعلانية.

– وكسبوا بذلك عدداً من الحزبيين العقلاء.. خاصة المثقفين منهم.. الذين كانوا بدورهم غير راضين عن هذه التصرفات”.

ـ يقول الكادر البعثي زهير عبد الرحمن التكريتي.. وهو احد أصدقاء حازم جواد منذ الثانوية ويسكنان معاً في منطقة المهدية ببغداد: “لم أصدق ولم يفكر أحد في يوم من الأيام أن ينقلب الرفيق حازم جواد على الحزب لأنه فشل في انتخابات القيادة القطرية. فإذا كان هذا

– حال الرفيق حازم جواد الذي وصل الى القيادة القطرية بكفاءته الذاتية ونشاطه المتواصل فكيف حال الآخرين؟”.

ـ أعدت جماعة حازم جواد بالاتفاق مع بعض الضباط الموالين لها خطة لاعتقال مجموعة علي صالح السعدي أثناء الاجتماع وتسفيرهم خارج العراق.

– وانتخاب قيادة قطرية جديدة يكون أغلبها من جماعة حازم.

– وهكذا أحاطت سرية من الانضباط العسكري مبنى المجلس الوطني الذي انعقد فيه المؤتمر.

– المهم وقف محمد حسين المهداوي خطيباً وعدد أخطاء مجموعة علي صالح السعدي.. وتصرفات الحرس القومي.. وهاجم صالح مهدي عماش.

– ثم تلا ذلك انتخاب قيادة قطرية جديدة تألفت من:
ـ احمد حسن البكر.. طاهر يحيي.. حازم جواد.. طالب شبيب.. عبد الستار عبد اللطيف.. صالح مهدي عماش.. محمد حسن المهداوي.. كريم شنتاف.. طارق عزيز.. عدنان القصاب.. فؤاد شاكر مصطفى.

يتبع 1

فائق البزاز.. علي عريم.. عبد الستار الدوري.. منذر الونداوي.. وحسن الحاج وادي.

ـ اتخذت هذه القيادة قراراً بإبعاد: كل من: علي صالح السعدي.. هاني الفكيكي.. محسن الشيخ راضي.. وحمدي عبد المجيد.. وأبو طالب الهاشمي إلى خارج العراق.

– لم يعترض أنصار علي صالح السعدي في القيادة الجديدة على الإبعاد خوفاً من أن يشملهم هم أيضاً.

ـ كان أشدهم هدوءً منذر الونداوي الذي وافق على القرارات.

– لكنه كان يدبر في نفسه أمراً لإجهاض هذه القرارات وإعادة الشرعية إلى الحزب حسب رأيه بالقوة.. كما انتزعها المتآمرون من الحزب.

ـ أعدت للمبعدين طائرة خاصة نقلتهم في الليلة نفسها إلى إسبانيا.

– وقررت القيادة الجديدة حل الوزارة السابقة وتشكيل وزارة جديدة برئاسة احمد حسن البكر تضم عناصر بعثية معتدلة.. وبعض العناصر القومية الوحدوية.

– وبدأ رئيس الجمهورية الذي أبدى فرحه الشديد بهذا النصر ورئيس الوزراء يستعرضان الأسماء لتشكيل الوزارة.

– إلا أن الأحداث تسارعت.. وجمدت فكرة التشكيل الوزاري الجديد لحين انجلاء الأمور.

ـ نتيجة لتفاقم الأوضاع قررت القيادة القومية لحزب البعث برئاسة ميشيل عفلق الحضور الى بغداد.. وفعلاً حضرت الى بغداد.

– وقررت اعتبار المؤتمر الاستثنائي غير شرعي.. وكذلك القيادة المنبثقة عنه غير شرعية.. والتي أسموها “المتآمرون”.

ـ تم إخراجهم في 13 تشرين الثاني.. وهم: (حازم جواد وزير الداخلية.. وطالب شبيب وزير الخارجية.. وعبد الستار عبد اللطيف وزير المواصلات.. ومحمد حسين المهداوي الملحق العسكري في السفارة في دمشق.. ومحي الدين محمود رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية.. وجميل صبري مدير الأمن العام.. وطارق عزيز رئيس تحرير جريدة الجماهير.. الناطقة بلسان حزب البعث.

– كما قررت القيادة القومية عدم السماح بعودة القادة الخمسة المبعدين (علي صالح السعدي وجماعته).

ـ في 16 تشرين الثاني / نوفمبر /العام 1963 أجريً تعديل وزاري تم فيه إقالة حازم جواد من الوزارة.

– وبعد يومين (أي في 18 تشرين الثاني) حل عبد السلام عارف الحرس القومي وسيطر على السلطة.

– وفي 8 شباط 1964 عاد حازم جواد الى بغداد جواً متحدياً قرار إبقاؤه في المنفى.. إلا إن عبد السلام عارف أرغمه على المغادرة الى القاهرة.

حازم جواد.. وانقلاب تموز 1968:

ـ بعد خمسة أعوام.. لم يكن سراً إن احمد حسن البكر وصدام حسين كانا ينتظران أية فرصة سانحة للانقضاض على السلطة.

– ففي أواخر 1967 شارك حازم جواد في استقبال ضيف أجنبي.. والتقى البكر في المطار واصطحبه في سيارته في طريق العودة.

ـ في الطريق سأله البكر إن كان غيّر رأيه بالنسبة الى العودة الى الحزب.. وحين أجابه بالنفي.

– أشار البكر الى دبابات للجيش.. وقال لحازم جواد: “إنهم في انتظارك”.

– كان الكلام دعوة الى المشاركة في انقلاب سيتمكن البكر وصدام من تنفيذه في 17 تموز يوليو 1968 بفعل تحالف غريب مع “مجموعة الرواد”.

– بعد 13 يوماً فقط سيتآمر البعثيون على العسكريين الذين فتحوا لهم أبواب القصر.. استدرج البكر رئيس الوزراء المقدم عبد الرزاق النايف الى غداء من لحم الغزال.

– دخل صدام بالرشاش واقتاد النايف الى المطار ودفعه الى المنفى.. وفي الوقت نفسه أبلغ وزير الدفاع الفريق إبراهيم عبد الرحمن الداوود الذي كان يتفقد القوات المرابطة في الأردن إن لا طريق إمامه غير طريق المنفى فسلكه.

ـ ابتسم حازم وقال: “قصة 17 تموز بدأت بالغدر والخيانة والرشوة وانتهت بما بدأت به”.

ـ لكن حازم ظل بعيداً عن السياسة وعن البعثيين.

– (التقيت حازم جواد.. أنا كاتب هذه الدراسة.. د. هادي حسن عليوي.. عدة مرات العام 1975 خلال تحضيري لرسالتي للماجستير).

– حيث كان حازم جواد مديراً لشركة التقطير العراقية.. التي مقرها في شارع أبو نؤاس من جهة الباب الشرقي.. لا يمارس السياسة.. حذر جداً من الوضع آنذاك).

حازم جواد.. وصدام حسين:

ـ يقول حازم جواد في مذكراته: انه زار صدام في أواخر العام 1978.. وسأله صدام عن نصيحة.. فنصحه بالابتعاد عن التصفيات سواء ضد البعثيين أو خصومهم.

ـ لم يكن حازم جواد على علاقة جيدة بصدام حسين.. وكان الرجل يتجنب الظهور على مسرح العمل السياسي.

– ويبدو إن صدام كان يشعر بشعبية حازم داخل صفوف الحزب وبين أوساط الوطنيين فلم يجرؤ على تصفيته بسبب ذلك.

– خاصة تأكد له انه لم يمارس السياسة.. ولا يلتقي السياسيين أو البعثيين القدامى.

ـ كما إن حازم جواد استفسر مني (أنا كاتب هذه الدراسة د . هادي ـ كما إن حازم جواد استفسر مني (أنا كاتب هذه الدراسة د . هادي حسن عليوي) خلال لقاءاتي به.. كثيراً عن الأوضاع السياسية.

– وعندما أطمأن لكلامي.. ظل يسألني عن صدام.. وهل قابلته أنا لإكمال رسالتي للماجستير.. وهل ذكر أسماء البعثيين القدامى.. وكان يشير لنفسه.

ـ خلال الحرب العراقية الإيرانية تأزمت أوضاع العراق فغادر حازم جواد وأسرته العراق ليقيم في بريطانيا الى ألان.

– ظل مبتعداً عن السياسة وعن أي نشاطات المعارضة خلال فترة نظام صدام.

ـ ظلً حازم سنة واحدة بعد سقوط صدام صامتاً.. وفي العام 2004 أفشى بعضاً من أسرار الحقبة التي لعب دوراً سياسياً لصحيفة الحياة اللبنانية.

– كان ذلك الإفشاء قد أثار اعتراضات وانتقادات واسعة من أقرب شخصيات لم تتفق شهادة حازم جواد مع ما يحتفظون من ذكريات عن تلك الشخصيات.

– وأصدر مذكراته التي سماها “سفر البعث وتاريخ المنفى” عن انقلاب 8 شباط 1963.. وتاريخ البعث في العراق والانشقاقات داخل هذا الحزب.

ـ جئنا بقطار أمريكي:

ـ ملاحظة واحدة جديرة بالاهتمام من مذكرات حازم جواد.. ان ينفي حازم جواد ما شاع عن علي صالح السعدي قولته انهم في العام 1963 قد جاؤوا بقطار امريكي.. فهذا ما لا يمكن قبوله ابدا يا حازم!

ـ لقد قابلت أنا (د. هادي حسن عليوي)علي صالح السعدي في بيته أكثر من 8 مرات خلال العام 1975.. للتحضير لرسالتي للماجستير (عن حزب البعث منذ تأسيسه حتى 14 تموز1958.

– وفي احدى المقابلات.. سنحت لي الفرصة ان أسأله عن.. مقولته العام 1963: “جئنا بقطار أمريكي”.

ـ حدق السعدي بوجهي.. وسحب كأسه وافرغة من الويسكي بفمه.. ثم نظر اليً.. وقال: هذ الكلام غير للنشر.

– فوضعتُ قلمي على جانب.. وقال بصوت منخفض.. “هل صالح مهدي عماش ليس له علاقات مشبوهة ببريطانيا ؟؟”

– واردف قائلاً: هل الشياب (ويقصد أحمد حسن البكر) ليس لو علاقات وارتباط ببريطانيا.

– وسكت قليلاً.. وقال: (هل الصغيرون.. ويقصد صدام حسين).. ليس له علاقات ببريطانيا وامريكا!!”.

ـ يا حازم: هذه العبارة سمعناها منذ عشرات السنين.. ولم اسمع بأن السعدي قد نفاها هو نفسه.

– فلماذا تأت اليوم من أجل نفيها.. كما لم اسمع بك قد نفيتها على مر هذي السنين!

– ولا يمكنك ان تدافع أبداً عن ارتباطات خفية او علنية مع الامريكان وغيرهم في تلك المرحلة.

ـ طبعاً السعدي يثق تماماً بأنني لن انشر او افضح قوله هذا.. لأنه رفض مقابلتي اول مرة.. حتى اتصل به الدكتور وميض عمر نظمي.. المشرف على رسالتي.. وأكد له انني ثقة.. وكل كلام تقوله لن يحرفه أو يضيف عليه.

– وفعلاً التزمت بكلامي.. ولم انشر هذه الكلمات إلا الان.. بعد أن اصبح الموضوع تاريخ!!

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *