إنها النوستالجيا يا صاحبي…
فلطالما صدّعوا رؤوسنا بأننا بلد 7000سنة حضارة, ونحن من علّم العالم القراءة والكتابة واخترع العجلة والاختام … واننا بلد الحضارات والبهارات .. والكمون والصمون ووووالخ. نحن المسكونون بهاجس التاريخ وهوسه والحنين للماضي.. الماضي التليد.. من نبوخذ نصّر العتيد… حتى صدام حسين المجيد !!. باعتبارنا البلد الوحيد في العالم الذي يفخر بماضيه فحسب كونه اجمل من حاضره ومستقبله، أي نفخر بما كان لا بما هو كائن أو سيكون، في ظاهرة مزيفة مخادعة ظاهرها الهيبة.. وباطنها الخيبة، لهذا أصبحنا وامسينا نجتر الماضي وندور في فلكه في حلقة مفرغة مقيتة. وفي كل يوم يخرج علينا أحدهم لينسب لبلاد ما بين النهرين سابقا.. القهرين أو النارين حاليا ، مختَرعا أو ابتكارا جديدا وكل منجز بشري.. وحتى حشري ، لدرجة وصل الحال بأحد الوزراء السابقين للتصريح بعبقرية بأنَّ اول مطار في التاريخ يقع في الناصرية وقد بناه السومريون !!.
اجل من حقنا الفخر بماضينا وحضارتنا ومنجزاتنا السالفة لكن على أن نجعل منها نقطة شروع كزادٍ وزوّادة تعيننا في الوثوب منها نحو المستقبل باقدام ثابتة.. وخطوات سريعة واثقة لا الاكتفاء بالتغني بها فقط على طريقة امجاد يا عرب امجاد ، او البكاء على الاطلال وجلد الذات. وبصرف النظر عن صحة هذه الادعاءات من عدمها لكننا اليوم في عالمنا المعاصر يا صاحبي ما الذي انجزناه.. ابتكرناه.. اخترعناه ؟!. ما الذي اضفناه للحضارة الإنسانية الحداثوية الرقمية تقنيا وتكنلوجيا وعلميا، خصوصا وهي في تطور وتحديث يومي مذهل ما جعل الفجوة العلمية والتقنية بيننا وبين الغرب في كل يوم تتضاعف حتى غدت آلاف السنين الضوئية ؟!. ما هي مكانة العراق حاليا وسط المعادلات الدولية سياسيا واقتصاديا واعتباريا.. وما هو ثقله، في خضم عالم شرس متقلب لا يرحم وفي ظل صراع الوجود الأبدي البقاء فيه للأقوى.. للأصلح.. للأكفأ.. ولمن يملك مفاتيح المستقبل ويضمنه ؟!.
الجواب يا صاحبي : لا شيء
وابسط شيء نحن إلى الآن في القرن الواحد والعشرون لا نعرف الوقوف بالطابور بل التدافع بالمناكب يحركنا شعور الغَلَبَة البدوي المتجذر فينا كما شخّصه د.علي الوردي رحمه الله. كما اننا عدنا القهقرى الى النظام العشائري وقوانينه ذلك النظام الهمجي المتخلف الذي حاربه وقضى عليه النبي الاكرم (ص) منذ اكثر من 14 قرناً ، وبِتنا في كل قوائم التصنيفات العالمية في الذيول.. بسبب (الذيول) من هنا وهناك !!.
هذا ومن الجدير بالذكر أنَّ وكالة (حِمينة) نيوز الإخبارية قد ذكرت مؤخراً بأنّ العراقيين كانوا اول من أخترع المخلمة على يد المغفور له كَلكَامش حين أعدّها للفطور له ولصاحبه انكيدو ، ومن هنا جاءت التسمية وشاعت… مخلمة كَلكَامش !!.
{ كاتب واكاديمي